للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهُ تَعَالَى. فَإِنْ لَمْ نُوجِبْهَا، فَلَا فِطْرَةَ. وَإِنْ أَوْجَبْنَاهَا، فَالْفِطْرَةُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ.

الْأَمْرُ الثَّانِي: الْحُرِّيَّةُ.

فَلَيْسَ عَلَى الرَّقِيقِ فِطْرَةُ نَفْسِهِ، وَلَا فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ. وَلَوْ مَلَّكَهُ السَّيِّدُ عَبْدًا، وَقُلْنَا: يَمْلِكُهُ، سَقَطَتْ فِطْرَتُهُ عَنْ سَيِّدِهِ، لِزَوَالِ مِلْكِهِ، وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُتَمَلِّكِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ. وَفِي الْمُكَاتَبِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَوْ أَوْجُهٍ.

أَصَحُّهَا: لَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ عَنْهُ، وَالثَّانِي: تَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَالثَّالِثُ: تَجِبُ عَلَيْهِ فِي كَسْبِهِ كَنَفَقَتِهِ.

وَالْخِلَافُ فِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَلَيْهِ فِطْرَةُ نَفْسِهِ يَجْرِي فِي أَنَّ عَلَيْهِ فِطْرَةَ زَوْجَتِهِ وَعَبِيدِهِ. وَالْمُدَبَّرُ، وَالْمُسْتَوْلَدَةُ، كَالْقِنِّ. وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، سَبَقَ حُكْمُهُ.

الْأَمْرُ الثَّالِثُ: الْيَسَارُ.

فَالْمُعْسِرُ لَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ، لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ، مَا يُخْرِجُهُ فِي الْفِطْرَةِ، فَهُوَ مُعْسِرٌ، وَمَنْ فَضَلَ عَنْهُ مَا يُخْرِجُهُ فِي الْفِطْرَةِ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ كَانَ مِنَ الْمَالِ، فَهُوَ مُوسِرٌ.

وَلَمْ يَذْكُرِ الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فِي ضَبْطِ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، إِلَّا هَذَا الْقَدْرَ. وَزَادَ الْإِمَامُ: فَاعْتُبِرَ كَوْنُ الصَّاعِ فَاضِلًا عَنْ مَسْكَنِهِ وَعَبْدِهِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي خِدْمَتِهِ. وَقَالَ: لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا لَا يُحْسَبُ فِي الْكَفَّارَةِ.

وَإِذَا نَظَرْتَ كُتُبَ الْأَصْحَابِ لَمْ تَجِدْ مَا ذَكَرَهُ، وَقَدْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّكَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ، كَالْبَيَانِ وَالِاسْتِدْرَاكِ لِمَا أَهْمَلَهُ الْأَوَّلُونَ، وَرُبَّمَا اسْتَشْهَدْتَ بِكَوْنِهِمْ لَمْ يَذْكُرُوا دَسْتَ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ، وَلَا شَكَّ فِي اعْتِبَارِهِ، فَإِنَّ الْفِطْرَةَ لَيْسَتْ بِأَشَدَّ مِنَ الدَّيْنِ، وَهُوَ مُبْقَى عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ، لَكِنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ، فَإِنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَلِيٍّ حَكَى وَجْهًا، أَنَّ عَبْدَ الْخِدْمَةِ لَا يُبَاعُ فِي الْفِطْرَةِ، كَمَا لَا يُبَاعُ فِي الْكَفَّارَةِ، ثُمَّ أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَقَالَ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْفِطْرَةِ كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ كِفَايَتِهِ، بَلِ الْمُعْتَبَرُ قُوتُ يَوْمِهِ كَالدَّيْنِ، بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ، فَإِنَّ لَهَا بَدَلًا، وَذُكِرَ فِي «التَّهْذِيبِ» مَا يَقْتَضِي وَجْهَيْنِ.

وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُ: مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>