للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ الِابْنَ الصَّغِيرَ إِذَا كَانَ لَهُ عَبْدٌ يَحْتَاجُ إِلَى خِدْمَتِهِ، لَزِمَ الْأَبَ فِطْرَتُهُ كَفِطْرَةِ الِابْنِ، فَلَوْلَا أَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ مَحْسُوبٍ، لَسَقَطَ بِسَبَبِهِ فِطْرَةُ الِابْنِ أَيْضًا.

وَإِذَا شَرَطْنَا كَوْنَ الْمُخْرَجِ فَاضِلًا عَنِ الْعَبْدِ وَالْمَسْكَنِ، إِنَّمَا نَشْتَرِطُهُ فِي الِابْتِدَاءِ، فَلَوْ ثَبَتَتِ الْفِطْرَةُ فِي ذِمَّةِ إِنْسَانٍ، بِعْنَا خَادِمَهُ وَمَسْكَنَهُ فِيهَا، لِأَنَّهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ الْتَحَقَتْ بِالدُّيُونِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْآدَمِيِّ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ بِالِاتِّفَاقِ، كَمَا أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى صَرْفِهِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ تَمْنَعُهُ.

كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ. قَالَ: وَلَوْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنْ لَا يَمْنَعَهُ عَلَى قَوْلٍ كَمَا لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، كَانَ مُبْعَدًا. هَذَا لَفْظُهُ، وَفِيهِ شَيْءٌ نَذْكُرُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَعَلَى هَذَا، يُشْتَرَطُ مَعَ كَوْنِ الْمُخْرَجِ فَاضِلًا عَمَّا سَبَقَ، كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ قَدْرِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَسَارَ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْوُجُوبِ، فَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا عِنْدَهُ ثُمَّ أَيْسَرَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

فَرْعٌ

لَوْ فَضَلَ مَعَهُ عَمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَعْضُ صَاعٍ، لَزِمَهُ إِخْرَاجُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ فَضَلَ صَاعٌ وَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى إِخْرَاجِ فِطْرَةِ نَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ وَأَقَارِبِهِ، فَأَوْجُهٌ.

أَصَحُّهَا: يَلْزَمُهُ تَقْدِيمُ فِطْرَةِ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ تَقْدِيمُ الزَّوْجَةِ، وَالثَّالِثُ: يَتَخَيَّرُ، إِنْ شَاءَ أَخْرَجَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ عَنْ غَيْرِهِ.

فَعَلَى هَذَا، لَوْ أَرَادَ تَوْزِيعَهُ عَلَيْهِمْ، لَمْ يَجُزْ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالْوَجْهَانِ عَلَى قَوْلِنَا: مَنْ وَجَدَ بَعْضَ صَاعٍ فَقَطْ، لَزِمَهُ إِخْرَاجُهُ، فَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ، لَمْ يَجُزِ التَّوْزِيعُ بِلَا خِلَافٍ.

وَلَوْ فَضَلَ صَاعٌ وَلَهُ عَبْدٌ، صَرَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَبِيعَ فِي فِطْرَةِ الْعَبْدِ جُزْءًا مِنْهُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: إِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى خِدْمَتِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِلَّا لَزِمَ.

وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ: لَا يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا. وَلَوْ فَضَلَ صَاعَانِ وَفِي نَفَقَتِهِ جَمَاعَةٌ، فَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ يُقَدِّمُ نَفْسَهُ بِصَاعٍ، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>