للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَجِيزَةٌ، فَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُ الِاسْتِفَادَةَ، فَلْيَكْتَفِ بِالْبَسِيطِ، وَإِنْ كَانَ التَّدْرِيسَ احْتَاجَ إِلَيْهِمَا. هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ، وَهُوَ حَسَنٌ، إِلَّا قَوْلُهُ فِي كِتَابِ الْوَعْظِ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْوَاعِظِ، فَلَيْسَ بِمُخْتَارٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ يَنْتَفِعُ بِالْوَاعِظِ كَانْتِفَاعِهِ فِي خَلْوَتِهِ وَعَلَى حَسَبِ إِرَادَتِهِ.

الثَّانِيَةُ: إِذَا كَانَ لَهُ عَقَارٌ يَنْقُصُ دَخْلُهُ عَنْ كِفَايَتِهِ، فَهُوَ فَقِيرٌ أَوْ مِسْكِينٌ، فَيُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ تَمَامَهَا، وَلَا يُكَلَّفُ بَيْعَهُ. ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي «التَّحْرِيرِ» وَالشَّيْخُ نَصْرٌ وَآخَرُونَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الصِّنْفُ الثَّالِثُ: الْعَامِلُ، يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ بَعْثُ السُّعَاةِ لِأَخْذِ الصَّدَقَاتِ، وَيَدْخُلُ فِي اسْمِ الْعَامِلِ، السَّاعِي، فَالْكَاتِبُ، وَالْقَسَّامُ، وَالْحَاشِرُ، وَهُوَ الَّذِي يَجْمَعُ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ، وَالْعَرِّيفُ، وَهُوَ كَالنَّقِيبِ لِلْقَبِيلَةِ، وَالْحَاسِبُ وَحَافِظُ الْمَالِ، قَالَ الْمَسْعُودِيُّ: وَكَذَا الْجُنْدِيُّ، فَهَؤُلَاءِ لَهُمْ سَهْمٌ مِنَ الزَّكَاةِ، وَلَا حَقَّ فِيهَا لِلْإِمَامِ، وَلَا لِوَالِي الْإِقْلِيمِ وَالْقَاضِي، بَلْ رِزْقُهُمْ إِذَا لَمْ يَتَطَوَّعُوا، فِي خُمُسِ الْخُمُسِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَإِذَا لَمْ تَقَعِ الْكِفَايَةُ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ مِنْ سَاعٍ وَكَاتِبٍ وَغَيْرِهِمَا، زِيدَ قَدْرَ الْحَاجَةِ.

وَفِي أُجْرَةِ الْكَيَّالِ، وَالْوَزَّانِ، وَعَادِّ الْغَنَمِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِينَ، وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهَا عَلَى الْمَالِكِ، لِأَنَّهَا لِتَوْفِيَةِ مَا عَلَيْهِ، فَهِيَ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّهَا عَلَى الْبَائِعِ.

قُلْتُ: هَذَا الْخِلَافُ فِي الْكَيَّالِ وَنَحْوِهِ، مِمَّنْ يُمَيِّزُ نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ مِنْ نَصِيبِ الْمَالِكِ. فَأَمَّا الَّذِي يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ، فَأَجْرَتُهُ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِينَ بِلَا خِلَافٍ.

وَأَمَّا أُجْرَةُ الرَّاعِي وَالْحَافِظِ بَعْدَ قَبْضِهَا، فَهَلْ هِيَ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِينَ، أَوْ فِي جُمْلَةِ الصَّدَقَاتِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي «الْمُسْتَظْهِرِيِّ» . أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «الْعُدَّةِ» .

وَأُجْرَةُ النَّاقِلِ وَالْمُخَزِّنِ، فِي الْجُمْلَةِ. وَأَمَّا مُؤْنَةُ إِحْضَارِ الْمَاشِيَةِ لِيَعُدَّهَا السَّاعِي، فَعَلَى الْمَالِكِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الصِّنْفُ الرَّابِعُ: الْمُؤَلَّفَةُ، وَهُمْ ضَرْبَانِ، كُفَّارٌ وَمُسْلِمُونَ، فَالْكَفَّارُ قِسْمَانِ، قِسْمٌ يَمِيلُونَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيَرْغَبُونَ فِيهِ بِإِعْطَاءِ مَالٍ، وَقِسْمٌ يُخَافُ شَرُّهُمْ، فَيُتَأَلَّفُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>