للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِدَفْعِ شَرِّهِمْ، فَلَا يُعْطَى الْقِسْمَانِ مِنَ الزَّكَاةِ قَطْعًا، وَلَا مِنْ غَيْرِهَا عَلَى الْأَظْهَرِ. وَفِي قَوْلِ: يُعْطَوْنَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ.

وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُمْ لَا يُعْطَوْنَ إِلَّا إِنْ نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ.

وَأَمَّا مُؤَلَّفَةُ الْمُسْلِمِينَ فَأَصْنَافٌ، صِنْفٌ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَنِيَّتُهُمْ ضَعِيفَةٌ، فَيَتَأَلَفُونَ لِيَثْبُتُوا، وَآخَرُونَ لَهُمْ شَرَفٌ فِي قَوْمِهِمْ يُطْلَبُ بِتَأَلُّفِهِمْ إِسْلَامُ نُظَرَائِهِمْ، وَفِي هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.

أَحَدُهَا: لَا يُعْطَوْنَ، وَالثَّانِي: يُعْطَوْنَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، وَالثَّالِثُ: مِنَ الزَّكَاةِ. وَصِنْفٌ يُرَادُ بِتَأَلُّفِهِمْ أَنْ يُجَاهِدُوا مَنْ يَلِيهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ، أَوْ مِنْ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَيَقْبِضُوا زَكَاتَهُمْ، فَهَؤُلَاءِ لَا يُعْطَوْنَ قَطْعًا، وَمِنْ أَيْنَ يُعْطَوْنَ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ.

أَحَدُهَا: مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَالثَّانِي: مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ، وَالثَّالِثُ: مِنْ سَهْمِ الْغُزَاةِ. وَالرَّابِعُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يُعْطَوْنَ مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ، وَسَهْمِ الْغُزَاةِ، فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا الرَّابِعِ: يُجْمَعُ بَيْنَ السَّهْمَيْنِ لِلشَّخْصِ الْوَاحِدِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمُرَادُ إِنْ كَانَ التَّأَلُّفُ لِقِتَالِ الْكُفَّارِ، فَمِنْ سَهْمِ الْغُزَاةِ، وَإِنْ كَانَ لِقِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ، فَمِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ، وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ، يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ إِنْ شَاءَ مِنْ ذَا السَّهْمِ، وَإِنْ شَاءَ مِنْ ذَلِكَ، وَرُبَّمَا قِيلَ: إِنْ شَاءَ جَمَعَ السَّهْمَيْنِ، وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّ الْمُتَأَلَّفَ لِقِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَجَمْعِهَا يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِينَ.

وَأَمَّا الْأَظْهَرُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ فِي الْأَصْنَافِ، لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْأَكْثَرُونَ، بَلْ أَرْسَلُوا الْخِلَافَ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي طَائِفَةٍ: الْأَظْهَرُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ فِي الصِّنْفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُمْ لَا يُعْطَوْنَ، وَقِيَاسُ هَذَا أَنْ لَا يُعْطَى الصِّنْفَانِ الْآخَرَانِ مِنَ الزَّكَاةِ، لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ أَحَقُّ بِاسْمِ الْمُؤَلَّفَةِ مِنَ الْآخَرَيْنِ، لِأَنَّ فِي الْآخَرَيْنِ مَعْنَى الْغُزَاةِ وَالْعَامِلِينَ، وَعَلَى هَذَا فَيَسْقُطُ سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَدْ صَارَ إِلَيْهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، الرُّويَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ، لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، ثُمَّ لِسِيَاقِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَصْحَابِ، إِثْبَاتُ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ، وَأَنْ يَسْتَحِقَّهُ الصِّنْفَانِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَى الْآخَرَيْنِ أَيْضًا، وَبِهِ أَفْتَى أَقَضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِهِ «الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>