الصِّنْفُ الْخَامِسُ: الرِّقَابُ، وَهُمُ الْمُكَاتَبُونَ، فَيُدْفَعُ إِلَيْهِمْ مَا يُعِينُهُمْ عَلَى الْعِتْقِ، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ مَا يَفِي بِنُجُومِهِ، وَلَيْسَ لَهُ صَرْفُ زَكَاتِهِ إِلَى مُكَاتَبِ نَفْسِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، لِعَوْدِ الْفَائِدَةِ إِلَيْهِ.
وَجَوَّزَهُ ابْنُ خَيْرَانَ، وَيَشْتَرِطُ كَوْنَ الْكِتَابَةِ صَحِيحَةً، وَيَجُوزُ الصَّرْفُ قَبْلَ حُلُولِ النَّجْمِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَجُوزُ الصَّرْفُ إِلَى الْمُكَاتَبِ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، وَالْأَحْوَطُ الصَّرْفُ إِلَى السَّيِّدِ بِإِذْنِ الْمُكَاتَبِ. وَلَا يُجْزِئُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُكَاتَبِ، لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ، لَكِنْ يَسْقُطُ عَنِ الْمُكَاتَبِ بِقَدْرِ الْمَصْرُوفِ، لِأَنَّ مَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الدَّفْعِ إِلَى السَّيِّدِ أَحْوَطَ وَأَفْضَلَ، هُوَ الَّذِي أَطْلَقَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ الزَّاهِدُ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنْ كَانَ هَذَا الْحَاصِلُ آخِرَ النُّجُومِ، وَيَحْصُلُ الْعِتْقُ بِالدَّفْعِ إِلَى السَّيِّدِ بِإِذْنِ الْمُكَاتَبِ، فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ حَصَلَ دُونَ مَا عَلَيْهِ، لَمْ يُسْتَحَبَّ دَفْعُهُ إِلَى السَّيِّدِ، لِأَنَّهُ إِذَا دَفَعَهُ إِلَى الْمُكَاتَبِ، أَتْجَرَ فِيهِ وَنَمَّاهُ، فَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْعِتْقِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
إِذَا اسْتَغْنَى الْمُكَاتَبُ عَمَّا أَعْطَيْنَاهُ، أَوْ عُتِقَ بِتَبَرُّعِ السَّيِّدِ بِإِعْتَاقِهِ، أَوْ بِإِبْرَائِهِ، أَوْ بِأَدَاءِ غَيْرِهِ عَنْهُ، أَوْ بِأَدَائِهِ هُوَ مِنْ مَالٍ آخَرَ، وَبَقِيَ مَالُ الزَّكَاةِ فِي يَدِهِ، فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ، كَالْفَقِيرِ يَسْتَغْنِي، وَأَصَحُّهُمَا: يُسْتَرَدُّ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْمَدْفُوعِ.
وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الْغَارِمِ إِذَا اسْتَغْنَى عَنِ الْمَأْخُوذِ بِإِبْرَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، غَرِمَهُ، وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَهُ، فَلَا، عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ فِي «الْوَسِيطِ» : وَكَذَا لَوْ تَلَفَهُ.
وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ، اسْتُرِدَّ. وَإِنْ كَانَ تَالِفًا، لَزِمَهُ غُرْمُهُ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، أَمْ بِرَقَبَتِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute