وَإِذَا قُلْنَا: يُعْطَى كِفَايَةَ الْعُمُرِ، فَكَيْفَ طَرِيقُهُ؟ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهِ: يُعْطَى مَا يَشْتَرِي بِهِ عَقَارًا يَسْتَغِلُّ مِنْهُ كِفَايَتَهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُشْعِرُ كَلَامُهُ بِأَنَّهُ يُعْطَى مَا يُنْفِقُ عَيْنَهُ فِي حَاجَاتِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
فَرْعٌ
وَأَمَّا ابْنُ السَّبِيلِ، فَيُعْطَى مَا يُبْلِغُهُ مَقْصِدَهُ، أَوْ مَوْضِعَ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ مَالٌ، فَيُعْطَى النَّفَقَةَ وَالْكُسْوَةَ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِمَا بِحَسَبِ الْحَالِ شِتَاءً وَصَيْفًا، وَيُهَيَّأُ لَهُ الْمَرْكُوبُ إِنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا وَالرَّجُلُ ضَعِيفًا لَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ.
وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا، أَوِ الرَّجُلُ قَوِيًّا، لَمْ يُعْطَ، وَيُعْطَى مَا يَنْقُلُ زَادَهُ وَمَتَاعَهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرًا يَعْتَادُ مِثْلَهُ أَنْ يَحْمِلَهُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ السَّرَخْسِيُّ فِي «الْأَمَالِي» : إِنْ كَانَ ضَاقَ الْمَالُ، أُعْطِيَ كِرَاءَ الْمَرْكُوبِ. وَإِنِ اتَّسَعَ، اشْتُرِيَ لَهُ مَرْكُوبٌ.
فَإِذَا تَمَّ سَفَرُهُ، اسْتُرِدَّ مِنْهُ الْمَرْكُوبُ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ. ثُمَّ كَمَا يُعْطَى لِذَهَابِهِ، يُعْطَى لِإِيَابِهِ إِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ وَلَا مَالَ لَهُ فِي مَقْصِدِهِ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
وَفِي وَجْهٍ: لَا يُعْطَى لِلرُّجُوعِ فِي ابْتِدَاءِ السَّفَرِ، لِأَنَّهُ سَفَرٌ آخَرُ، وَإِنَّمَا يُعْطَى إِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ، وَوَجْهٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ عَلَى عَزْمٍ أَنَّهُ يَصِلُ الرُّجُوعَ بِالذَّهَابِ، أُعْطِيَ لِلرُّجُوعِ أَيْضًا.
وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يُقِيمَ هُنَاكَ مُدَّةً، لَمْ يُعْطَ، وَلَا يُعْطَى لِمُدَّةِ الْإِقَامَةِ إِلَّا مُدَّةَ إِقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ، بِخِلَافِ الْغَازِي، حَيْثُ يُعْطَى لِلْمُقَامِ فِي الثَّغْرِ وَإِنْ طَالَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِتَوَقُّعِ فَتْحِ الْحِصْنِ، وَإِنَّهُ لَا يَزُولُ عَنْهُ الِاسْمُ لِطُولِ الْمُقَامِ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
وَعَنْ صَاحِبِ «التَّقْرِيبِ» ، أَنَّهُ إِنْ أَقَامَ لِحَاجَةٍ يَتَوَقَّعُ زَوَالَهَا، أُعْطِيَ وَإِنْ زَادَتْ إِقَامَتُهُ عَلَى إِقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute