بَعْضِهِمْ عِنْدَ تَسَاوِي الْحَاجَاتِ، لِأَنَّ عَلَيْهِ التَّعْمِيمَ، فَتَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ، وَالْمَالِكُ لَا تَعْمِيمَ عَلَيْهِ، فَلَا تَسْوِيَةَ.
قُلْتُ: هَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي فِي «التَّتِمَّةِ» وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا فِي الدَّلِيلِ، فَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى إِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ اسْتِحْبَابُ التَّسْوِيَةِ. وَحَيْثُ لَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ، قَالَ أَصْحَابُنَا: يَجُوزُ الدَّفْعُ إِلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مِنَ الْمُقِيمِينَ بِالْبَلَدِ وَالْغُرَبَاءِ، وَلَكِنِ الْمُسْتَوْطِنُونَ أَفْضَلُ، لِأَنَّهُمْ جِيرَانُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
إِذَا عُدِمَ فِي بَلَدٍ جَمِيعُ الْأَصْنَافِ، وَجَبَ نَقْلُ الزَّكَاةِ إِلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِ. فَإِنْ نُقِلَ إِلَى أَبْعَدَ، فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي نَقْلِ الزَّكَاةِ. وَإِنْ عُدِمَ بَعْضُهُمْ، فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ، سَقَطَ سَهْمُهُ. وَإِنْ عُدِمَ غَيْرُهُ، فَإِنْ جَوَّزْنَا نَقْلَ الزَّكَاةِ، نُقِلَ نَصِيبُ الْبَاقِي، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يُنْقَلُ. وَأَصَحُّهُمَا: يُرَدُّ عَلَى الْبَاقِينَ.
فَإِنْ قُلْنَا: يُنْقَلُ، نُقِلَ إِلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ. فَإِنْ نُقِلَ إِلَى غَيْرِهِ، أَوْ لَمْ يُنْقَلْ، وَرَدَّهُ عَلَى الْبَاقِي، ضَمِنَ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُنْقَلُ فَنُقِلَ، ضَمِنَ. وَلَوْ وَجَدَ الْأَصْنَافُ فَقَسَّمَ، فَنَقَصَ سَهْمُ بَعْضِهِمْ عَنِ الْكِفَايَةِ، وَزَادَ سَهْمُ بَعْضِهِمْ عَلَيْهَا، فَهَلْ يُصَرَفُ مَا زَادَ إِلَى مَنْ نَقَصَ نَصِيبُهُ، أَمْ يُنْقَلُ إِلَى ذَلِكَ الصِّنْفِ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ؟ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ.
وَإِذَا قُلْنَا: يُرَدُّ عَلَى مَنْ نَقَصَ سَهْمُهُمْ، رُدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ. فَإِنِ اسْتَغْنَى بَعْضُهُمْ بِبَعْضِ الْمَرْدُودِ، قُسِّمَ الْبَاقِي بَيْنَ الْآخَرِينَ بِالسَّوِيَّةِ.
وَلَوْ زَادَ نَصِيبُ جَمِيعِ الْأَصْنَافِ عَلَى الْكِفَايَةِ، أَوْ نَصِيبُ بَعْضِهِمْ، وَلَمْ يَنْقُصْ نَصِيبُ الْآخَرِينَ، نُقِلَ مَا زَادَ إِلَى ذَلِكَ الصِّنْفِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي جَوَازِ نَقْلِ الصَّدَقَةِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي بَلَدِهِ خِلَافٌ. وَتَفْصِيلُ الْمَذْهَبِ فِيهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّقْلُ، وَلَا تَسْقُطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute