وَلَوْ صَرَفَهُ إِلَى وَاحِدٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَلْزَمُهُ الثُّلُثَانِ، وَعَلَى الثَّانِي: أَقَلُّ مَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَيْهِمَا.
قُلْتُ: هَكَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الْأَقْيَسَ هُوَ الثَّانِي، ثُمَّ الْجُمْهُورُ أَطْلَقُوا الْقَوْلَيْنِ هَكَذَا. قَالَ صَاحِبُ «الْعُدَّةِ» : إِذَا قُلْنَا: يَضْمَنُ الثُّلُثَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ إِذَا كَانُوا سَوُّوا فِي الْحَاجَةِ، حَتَّى لَوْ كَانَ حَاجَةُ هَذَا الثَّالِثِ حِينَ اسْتَحَقَّ التَّفْرِقَةَ مِثْلَ حَاجَةِ الْآخَرِينَ جَمِيعًا. ضَمِنَ لَهُ نِصْفَ السَّهْمِ لِيَكُونَ مَعَهُ مِثْلُهُمَا، لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّفْرِقَةُ عَلَى قَدْرِ حَوَائِجِهِمْ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا فَرْقَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا دُونَ الثَّلَاثَةِ مِنْ صِنْفٍ، يَجِبُ إِعْطَاءُ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَمُرَادُهُ: إِذَا كَانَ الثَّلَاثَةُ مُتَعَيِّنِينَ، أَعْطَى مَنْ وُجِدَ. وَهَلْ يُصْرَفُ بَاقِي السَّهْمِ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا، أَمْ يُنْقَلُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ؟ قَالَ الْمُتَوَلِّي: هُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ بَعْضُ الْأَصْنَافِ فِي الْبَلَدِ. وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ، أَنْ يُصْرَفَ إِلَيْهِ. وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ، وَنَقَلَهُ هُوَ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَدَلِيلُهُ ظَاهِرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ وَاجِبَةٌ. وَإِنْ كَانَتْ حَاجَةُ بَعْضِهِمْ أَشَدَّ، إِلَّا أَنَّ الْعَامِلَ لَا يُزَادُ عَلَى أُجْرَةِ عَمَلِهِ كَمَا سَبَقَ. وَأَمَّا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ آحَادِ الصِّنْفِ، سَوَاءٌ اسْتُوعِبُوا أَوِ اقْتُصِرَ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَلَا يَجِبُ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ تَسَاوِي الْحَاجَاتِ.
هَذَا إِذَا قَسَّمَ الْمَالِكُ. قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : فَأَمَّا إِنْ قَسَّمَ الْإِمَامُ، فَلَا يَجُوزُ تَفْضِيلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute