للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ خَطَرٌ، أَوِ احْتَاجَ إِلَى رَدِّ جِيرَانٍ، أَوْ إِلَى مُؤْنَةِ نَقْلٍ، فَحِينَئِذٍ يَبِيعُ. وَلَوْ وَجَبَتْ نَاقَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ، فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَبِيعَهَا وَيُقَسِّمَ الثَّمَنَ، بَلْ يَجْمَعُهُمْ وَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِمْ، وَكَذَا حُكْمُ الْإِمَامِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَخَالَفَهُمْ فِي «التَّهْذِيبِ» فَقَالَ: إِنْ رَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ، فَعَلَهُ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَبِيعَ، بَاعَ وَفَرَّقَ الثَّمَنَ عَلَيْهِمْ.

قُلْتُ: وَإِذَا بَاعَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يَجُوزُ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَيُسْتَرَدُّ الْمَبِيعُ، فَإِنْ تَلِفَ، ضَمِنَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الرَّابِعَةُ: إِذَا دَفَعَ الزَّكَاةَ إِلَى مَنْ ظَنَّهُ مُسْتَحِقًّا، فَبَانَ غَيْرَ مُسْتَحَقٍّ، كَكَافِرٍ، وَعَبْدٍ، وَغَنِيٍّ، وَذِي قُرْبَى، فَالْفَرْضُ يَسْقُطُ عَنِ الْمَالِكِ بِالدَّفْعِ إِلَى الْإِمَامِ، لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْتَحِقِّينَ.

وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ إِذَا بَانَ غَنِيًّا، لِأَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ، وَيُسْتَرَدُّ، سَوَاءٌ أَعْلَمَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ، أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ قَدْ تَلِفَ، غَرِمَهُ وَصَرَفَ الْغُرْمَ إِلَى الْمُسْتَحِقِّينَ.

وَفِي بَاقِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا يَضْمَنُ، وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ قَطْعًا. وَقِيلَ: يَضْمَنُ قَطْعًا، لِتَفْرِيطِهِ، فَإِنَّهَا لَا تَخْفَى غَالِبًا، بِخِلَافِ الْغَنِيِّ، وَلِأَنَّهَا أَشَدُّ مُنَافَاةً، فَإِنَّهَا تُنَافِي الزَّكَاةَ بِكُلِّ حَالٍ، بِخِلَافِهِ.

وَلَوْ دَفَعَ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ، فَبَانَ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ غَنِيًّا، لَمْ يُجِزْهُ عَلَى الْأَظْهَرِ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ، لِأَنَّهُ نَائِبُ الْفُقَرَاءِ. وَإِنْ بَانَ كَافِرًا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ ذَا قُرْبَى، لَمْ يُجِزْهُ عَلَى الْأَصَحِّ.

قُلْتُ: وَلَوْ دَفَعَ سَهْمَ الْمُؤَلَّفَةِ، أَوِ الْغَازِي إِلَيْهِ، فَبَانَ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ امْرَأَةً، فَهُوَ كَمَا لَوْ بَانَ عَبْدًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِذَا لَمْ يَسْقُطِ الْفَرْضُ، فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّ الْمَدْفُوعَ زَكَاةٌ، اسْتُرِدَّ إِنْ كَانَ بَاقِيًا، وَغَرِمَ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ تَالِفًا. وَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ إِذَا دُفِعَ إِلَيْهِ.

وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ زَكَاةٌ، لَمْ يُسْتَرَدَّ، وَلَا غُرْمَ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ، يَسْتَرِدُّ مُطْلَقًا، لِأَنَّ مَا يُفَرِّقُهُ الْإِمَامُ عَلَى الْأَصْنَافِ، هُوَ الزَّكَاةُ غَالِبًا، وَغَيْرُهُ قَدْ يَتَطَوَّعُ.

وَالْحُكْمُ فِي الْكَفَّارَةِ مَتَى بَانَ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، كَحُكْمِ الزَّكَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>