الْخَامِسَةُ: فِي وَقْتِ اسْتِحْقَاقِ الْأَصْنَافِ الزَّكَاةَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَسْتَحِقُّونَ يَوْمَ الْقِسْمَةِ، إِلَّا الْعَامِلُ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالْعَمَلِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يَسْتَحِقُّونَ يَوْمَ الْوُجُوبِ.
قَالَ الْأَصْحَابُ: لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ. بَلِ النَّصُّ الثَّانِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ، أَوْ أَقَلُّ، وَمَنَعْنَا نَقْلَ الصَّدَقَةِ، فَيَسْتَحِقُّونَ يَوْمَ الْوُجُوبِ، حَتَّى لَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، دُفِعَ نَصِيبُهُ إِلَى وَرَثَتِهِ، وَإِنْ غَابَ أَوْ أَيْسَرَ، فَحَقُّهُ بِحَالِهِ، وَإِنْ قَدِمَ غَرِيبٌ، لَمْ يُشَارِكْهُمْ، وَالنَّصُّ الْأَوَّلُ، فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُونُوا مَحْصُورِينَ فِي ثَلَاثَةٍ، أَوْ كَانُوا، وَجَوَّزْنَا نَقْلَ الزَّكَاةِ، فَيَسْتَحِقُّونَ بِالْقِسْمَةِ، حَتَّى لَا حَقَّ لِمَنْ مَاتَ أَوْ غَابَ أَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ قَدِمَ غَرِيبٌ، شَارَكَهُمْ.
السَّادِسَةُ: فِي «فَتَاوَى الْقَفَّالِ» : أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ لَمْ يُفَرِّقْ مَا اجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَتَلِفَ، ضَمِنَ. وَالْوَكِيلُ بِالتَّفْرِيقِ لَوْ أَخَّرَ، فَتَلِفَ، لَمْ يَضْمَنْ، لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّفْرِيقُ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ.
قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ جَمَعَ السَّاعِي الزَّكَاةَ، فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَى الْإِمَامِ، اسْتَحَقَّ أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّابِعَةُ: قَالَ صَاحِبُ «الْبَحْرِ» : لَوْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إِلَى فَقِيرٍ وَهُوَ غَيْرُ عَارِفٍ بِالْمَدْفُوعِ، بِأَنْ كَانَ مَشْدُودًا فِي خِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا، لَا يَعْرِفُ جِنْسَهُ وَقَدْرَهُ، وَتَلِفَ فِي يَدِ الْمِسْكِينِ، فَفِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ احْتِمَالَانِ، لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْقَابِضِ لَا تُشْتَرَطُ، فَكَذَا مَعْرِفَةُ الدَّافِعِ.
قُلْتُ: الْأَرْجَحُ: السُّقُوطُ. وَبَقِيَتْ مِنَ الْبَابِ مَسَائِلُ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهِ. وَبَقِيَتْ مَسَائِلُ، لَمْ يَذْكُرْهَا الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ هُنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute