الثَّانِيَةُ: إِذَا كَانَ الزَّوْجُ مَجْنُونًا، فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَعَلَى الثَّانِي: وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: تَلْزَمُهَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ، كَمَا لَا يُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي: يَجِبُ فِي مَالِهِ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا، لِأَنَّ مَالَهُ صَالِحٌ لِلتَّحَمُّلِ.
وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا، فَكَالْمَجْنُونِ. وَقِيلَ: هُوَ كَالْبَالِغِ تَخْرِيجًا مِنْ قَوْلِنَا: عَمْدُهُ عَمْدٌ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ نَائِمًا، فَاسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ، فَكَالْمَجْنُونِ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا كَانَ مُسَافِرًا وَالزَّوْجَةُ حَاضِرَةٌ، فَإِنْ أَفْطَرَ بِالْجِمَاعِ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَكَذَا إِنْ لَمْ يَقْصِدِ التَّرَخُّصَ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَكَذَا حُكْمُ الْمَرِيضِ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ إِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا ثُمَّ جَامَعَ.
وَكَذَا الصَّحِيحُ، إِذَا مَرِضَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ ثُمَّ جَامَعَ، فَحَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، فَهُوَ كَغَيْرِهِ. وَحُكْمُ التَّحَمُّلِ، كَمَا سَبَقَ. وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا كَفَّارَةَ، فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ.
وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ: فِيمَا لَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ مُفْطِرًا، فَأَخْبَرَتْهُ بِفِطْرِهَا وَكَانَتْ صَائِمَةً، أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَيْهَا، إِذَا قُلْنَا: الْوُجُوبُ يُلَاقِيهَا، لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ، وَهُوَ مَعْذُورٌ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِنَا: لَا يَتَحَمَّلُ الْمَجْنُونُ، وَإِلَّا، فَلَيْسَ الْعُذْرُ هُنَا أَوْضَحَ مِنْهُ فِي الْمَجْنُونِ.
قُلْتُ: قَالَ صَاحِبُ «الْمُعَايَاةِ» : فِيمَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ.
أَحَدُهَا: تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ دُونَهَا، وَالثَّانِي: تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ عَنْهُمَا، وَالثَّالِثُ: تَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ، وَيَتَحَمَّلُ الزَّوْجُ مَا دَخَلَهُ التَّحَمُّلُ مِنَ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ.
فَإِذَا وَطِئَ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ فِي يَوْمٍ، لَزِمَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ كَفَّارَةٌ فَقَطْ عَنِ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ بَاقِي الْوَطْآتِ، وَيَلْزَمُهُ عَلَى الثَّانِي، أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ، كَفَّارَةٌ عَنْ وَطْئِهِ الْأَوَّلِ عَنْهُ وَعَنْهَا، وَثَلَاثٌ عَنْهُنَّ لَا تَتَبَعَّضُ، إِلَّا فِي مَوْضِعٍ يُوجِدُ تَحَمُّلَ الْبَاقِي، وَيَلْزَمُهُ عَلَى الثَّالِثِ خَمْسُ كَفَّارَاتٍ، كَفَّارَتَانِ عَنْهُ وَعَنْهَا بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ، وَثَلَاثٌ عَنْهُنَّ.
قَالَ: وَلَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ، مُسْلِمَةٌ وَذِمِّيَّةٌ، فَوَطِئَهُمَا فِي يَوْمٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٍ بِكُلِّ حَالٍ.
وَعَلَى الثَّانِي: إِنْ قَدَّمَ وَطْءَ الْمُسْلِمَةِ،