للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، وَإِلَّا، فَكَفَّارَتَانِ، وَعَلَى الثَّالِثِ: كَفَّارَتَانِ بِكُلِّ حَالٍ، لِأَنَّهُ إِنْ قَدَّمَ الْمُسْلِمَةَ، لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ عَنْهُ وَعَنْهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ لِلذِّمِّيَّةِ شَيْءٌ. وَإِنْ قَدَّمَ الذِّمِّيَّةَ، لَزِمَهُ لِنَفْسِهِ كَفَّارَةٌ، ثُمَّ لِلْمُسْلِمَةِ أُخْرَى. هَذَا كَلَامُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الرَّابِعَةُ: إِذَا قُلْنَا: الْوُجُوبُ يُلَاقِيهَا، اعْتَبَرْنَا حَالَهُمَا جَمِيعًا، وَقَدْ تَتَّفِقُ، وَقَدْ تَخْتَلِفُ. فَإِنِ اتَّفَقَ، نُظِرَ، إِنْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْإِعْتَاقِ أَوِ الْإِطْعَامِ، أَجْزَأَ الْمُخْرَجُ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ لِكَوْنِهِمَا مُعَسِرَيْنِ أَوْ مَمْلُوكَيْنِ، لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ صَوْمُ شَهْرَيْنِ، لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ لَا تَتَحَمَّلُ.

وَإِنِ اخْتَلَفَ حَالُهُمَا، فَإِنْ كَانَ أَعْلَى حَالًا مِنْهَا، نُظِرَ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِتْقِ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ أَوِ الْإِطْعَامِ، فَوَجْهَانِ.

الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ: أَنَّهُ يُجْزِئُ الْإِعْتَاقُ عَنْهُمَا، لِأَنَّ مَنْ فَرْضُهُ الصَّوْمُ أَوِ الْإِطْعَامُ، يُجْزِئُهُ الْعِتْقُ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً، فَعَلَيْهَا الصَّوْمُ، لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يُجْزِئُ عَنْهَا.

قَالَ فِي «الْمُهَذَّبِ» : إِلَّا إِذَا قُلْنَا: الْعَبْدُ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ، فَإِنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ الْمُعْسِرَةِ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي «الْمُهَذَّبِ» غَرِيبٌ، وَالْمَعْرُوفُ، أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْعِتْقُ عَنِ الْأَمَةِ. وَقَدْ قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ: لَا يَصِحُّ إِعْتَاقُ الْعَبْدِ، سَوَاءٌ قُلْنَا: يَمْلِكُ، أَمْ لَا، لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْوَلَاءَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُ عَنْهَا، لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ. فَعَلَى هَذَا، يَلْزَمُهَا الصَّوْمُ إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِهِ. وَفِيمَنْ يَلْزَمُهُ الْإِطْعَامُ إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِهِ، وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: عَلَى الزَّوْجِ. فَإِنْ عَجَزَ، ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يَقْدِرَ، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَعْدُودَةٌ مِنْ مُؤَنِ الزَّوْجَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الزَّوْجِ، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْإِطْعَامِ.

قَالَ الْأَصْحَابُ: يَصُومُ عَنْ نَفْسِهِ وَيُطْعِمُ عَنْهَا.

وَمُقْتَضَى قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ: يُجْزِئُ الْعِتْقُ عَنِ الصِّيَامِ، أَنْ يُجْزِئَ هُنَا الصِّيَامُ عَنِ الْإِطْعَامِ. أَمَّا إِذَا كَانَتْ أَعْلَى حَالًا مِنْهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>