للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ وَقُلْنَا: الْمَيِّتُ يُطْعَمُ عَنْهُ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يُخْرَجُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ تَرِكَتِهِ مُدَّانِ. وَالثَّانِي قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ: يَكْفِي مُدٌّ وَاحِدٌ.

وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا: يُصَامُ عَنْهُ، فَصَامَ الْوَلِيُّ، فَيَحْصُلُ تَدَارُكُ أَصْلِ الصَّوْمِ، وَيَفْدِي لِلتَّأْخِيرِ.

وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ وَهُوَ التَّكَرُّرُ، فَكَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، فَمَاتَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إِلَّا خَمْسَةُ أَيَّامٍ، أَخْرَجَ مِنْ تَرِكَتِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا، عَشَرَةً لِأَصْلِ الصَّوْمِ، وَخَمْسَةً لِلتَّأْخِيرِ، لِأَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَمْ يُمْكِنْهُ إِلَّا قَضَاءَ خَمْسَةٍ.

وَلَوْ أَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ، وَأَوْجَبْنَا بِهِ الْفِدْيَةَ فَأَخَّرَ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ، وَمَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ، فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ ثَلَاثَةِ أَمْدَادٍ. فَإِنْ تَكَرَّرَتِ السُّنُونَ، زَادَتِ الْأَمْدَادُ.

وَإِذَا لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمَضَانَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مَا يَتَأَتَّى فِيهِ قَضَاءُ جَمِيعِ الْفَائِتِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ الْفِدْيَةُ عَمَّا لَا يَسَعُهُ الْوَقْتُ، أَمْ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ رَمَضَانَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا، فَتَلِفَ قَبْلَ الْغَدِ، هَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ، أَمْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ؟ وَلَوْ أَرَادَ تَعْجِيلَ فِدْيَةِ التَّأْخِيرِ قَبْلَ مَجِيءِ رَمَضَانَ الثَّانِي لِيُؤَخِّرَ الْقَضَاءَ مَعَ الْإِمْكَانِ، فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي تَعْجِيلِ الْكَفَّارَةِ عَنِ الْحِنْثِ الْمُحَرَّمِ.

قُلْتُ: إِذَا أَخَّرَ الشَّيْخُ الْهَرِمُ الْمُدَّ عَنِ السَّنَةِ الْأُولَى، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْوَسِيطِ» : فِي تَكَرُّرِ مُدٍّ آخَرَ لِلتَّأْخِيرِ وَجْهَانِ.

وَهَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَإِذَا أَرَادَ الشَّيْخُ الْهَرِمُ إِخْرَاجَ الْفِدْيَةِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ، لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، أَجْزَأَهُ عَنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

وَإِنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، فَفِيهِ احْتِمَالَانِ حَكَاهُمَا فِي «الْبَحْرِ» عَنْ وَالِدِهِ، وَقَطَعَ الدَّارِمِيُّ بِالْجَوَازِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.

قَالَ الْإِمَامُ الزِّيَادِيُّ: وَيَجُوزُ لِلْحَامِلِ تَقْدِيمُ الْفِدْيَةِ عَلَى الْفِطْرِ، وَلَا يُقَدِّمُ إِلَّا فِدْيَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي بَابِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>