وَلَوْ كَانَتِ الْحَامِلُ أَوِ الْمُرْضِعُ مُسَافِرَةً أَوْ مَرِيضَةً، فَأَفْطَرَتْ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ بِالْمَرَضِ أَوِ السَّفَرِ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا. وَإِنْ لَمْ تَقْصِدِ التَّرَخُّصَ، فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ وَجْهَانِ، كَالْوَجْهَيْنِ فِي فِطْرِ الْمُسَافِرِ بِالْجِمَاعِ.
فَرْعٌ
إِذَا أَفْطَرَ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ عَمْدًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، هَلْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ مَعَ الْقَضَاءِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا.
لَوْ رَأَى مُشْرِفًا عَلَى الْهَلَاكِ بِغَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَافْتَقَرَ فِي تَخْلِيصِهِ إِلَى الْفِطْرِ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا، كَالْمُرْضِعِ.
قُلْتُ: قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ، فِيهِ تَسَاهُلٌ. وَمُرَادُهُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الطَّرِيقُ الثَّالِثُ: مَا يَجِبُ لِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ، فَمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ، وَأَخَّرَهُ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ بِهَذَا الْعُذْرِ جَائِزٌ فَتَأْخِيرُ الْقَضَاءِ أَوْلَى.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَعَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: لَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ. وَلَوْ أَخَّرَ حَتَّى مَضَى رَمَضَانَانِ فَصَاعِدًا، فَهَلْ تُكَرَّرُ الْفِدْيَةُ؟ وَجْهَانِ.
قَالَ فِي «النِّهَايَةِ» : الْأَصَحُّ، التَّكَرُّرُ. وَلَوْ أَفْطَرَ عُدْوَانًا، وَأَلْزَمْنَاهُ الْفِدْيَةَ، فَأَخَّرَ الْقَضَاءَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ فِدْيَتَانِ، وَاحِدَةٌ لِلْإِفْطَارِ، وَأُخْرَى لِلتَّأْخِيرِ.
هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْمَرُوذِيُّ: إِنْ عَدَدْنَا الْفِدْيَةَ بِتَعَدُّدِ رَمَضَانَ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. وَإِذَا أَخَّرَ الْقَضَاءَ مَعَ الْإِمْكَانِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute