للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

إِذَا نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ صَائِمٌ، أَوْ أَيَّامًا هُوَ فِيهَا صَائِمٌ، لَزِمَهُ الِاعْتِكَافُ فِي أَيَّامِ الصَّوْمِ، وَلَيْسَ لَهُ إِفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ بِلَا خِلَافٍ.

وَلَوِ اعْتَكَفَ فِي رَمَضَانَ، أَجْزَأَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِهَذَا النَّذْرِ صَوْمًا، وَإِنَّمَا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ بِصِفَةٍ وَقَدْ وُجِدَتْ. وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا، أَوْ يَعْتَكِفَ بِصَوْمٍ، لَزِمَهُ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ.

وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؟ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: لَا، لِأَنَّهُمَا عِبَادَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ، فَأَشْبَهَ إِذَا نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ صَائِمًا. وَأَصَحُّهُمَا: يَلْزَمُهُ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْأُمِّ» كَالْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ.

فَعَلَى هَذَا، لَوْ شَرَعَ فِي الِاعْتِكَافِ صَائِمًا، ثُمَّ أَفْطَرَ، لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافُ.

وَعَلَى الْأَوَّلِ: يَكْفِيهِ اسْتِئْنَافُ الصَّوْمِ. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ وَلَيَالٍ مُتَتَابِعَةٍ صَائِمًا، فَجَامَعَ لَيْلًا، فَفِيهِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ. وَلَوِ اعْتَكَفَ فِي رَمَضَانَ، أَجْزَأَهُ عَنِ الِاعْتِكَافِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَعَلَى الثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ الِاعْتِكَافُ أَيْضًا.

وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا، فَطَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: طَرْدُ الْوَجْهَيْنِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: لُزُومُ الْجَمْعِ.

وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْجَمْعُ. وَالْفَرْقُ، أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَصْلُحُ وَصْفًا لِلصَّوْمِ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ مِنْ مَنْدُوبَاتِ الِاعْتِكَافِ.

وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا، أَوْ يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا، لَزِمَهُ الِاعْتِكَافُ وَالصَّلَاةُ. وَفِي لُزُومِ الْجَمْعِ، طَرِيقَانِ.

الْمَذْهَبُ: لَا يَجِبُ. وَقِيلَ: بِطَرْدِ الْوَجْهَيْنِ. وَالْفَرْقُ، أَنَّ الصَّوْمَ وَالِاعْتِكَافَ مُتَقَارِبَانِ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكَفِّ، وَالصَّلَاةُ أَفْعَالٌ مُبَاشِرَةٌ لَا تُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ.

فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُحْرِمًا بِالصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ نُوجِبِ الْجَمْعَ بَيْنَ الِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ، فَالَّذِي يَلْزَمُهُ مِنَ الصَّلَاةِ، هُوَ الَّذِي يَلْزَمُهُ لَوْ أَفْرَدَ الصَّلَاةَ بِالنَّذْرِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ فِي يَوْمِ اعْتِكَافِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِيعَابُ الْيَوْمِ بِالصَّلَاةِ.

وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ مُصَلِّيًا، لَزِمَهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ، هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>