للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَغَيْرُهُ. وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: ظَاهِرُ اللَّفْظِ يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ، فَإِنْ تَرَكْنَا الظَّاهِرَ، فَلِمَ يُعْتَبَرُ تَكْرِيرُ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنَ الصَّلَاةِ كُلَّ يَوْمٍ؟ وَهَلَّا اكْتُفِيَ بِهِ مَرَّةً فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ؟ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً يَقْرَأُ فِيهَا سُورَةَ كَذَا، فَفِي وُجُوبِ الْجَمْعِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ، قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

الرُّكْنُ الثَّانِي: النِّيَّةُ، فَلَا بُدَّ مِنْهَا فِي ابْتِدَاءِ الِاعْتِكَافِ، وَيَجِبُ التَّعَرُّضُ فِي الْمَنْذُورِ مِنْهُ لِلْفَرْضِيَّةِ. ثُمَّ إِذَا نَوَى الِاعْتِكَافَ وَأَطْلَقَ كَفَاهُ ذَلِكَ وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ.

فَإِنْ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَادَ، احْتَاجَ إِلَى اسْتِئْنَافِ النِّيَّةِ، سَوَاءٌ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، أَمْ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّ مَا مَضَى عِبَادَةٌ تَامَّةٌ، وَالثَّانِي: اعْتِكَافٌ جَدِيدٌ قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : فَلَوْ عَزَمَ عِنْدَ خُرُوجِهِ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ وَيَعُودَ، كَانَتْ هَذِهِ الْعَزِيمَةُ قَائِمَةً مَقَامَ النِّيَّةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ اقْتِرَانَ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ الْعِبَادَةِ شَرْطٌ.

فَكَيْفَ يَكْتَفِي بِعَزِيمَةٍ سَابِقَةٍ؟ أَمَّا إِذَا عَيَّنَ زَمَانًا، بِأَنْ نَوَى اعْتِكَافَ شَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ، فَهَلْ يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ إِذَا خَرَجَ وَعَادَ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ.

أَصَحُّهُمَا: إِنْ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، لَمْ يَجِبِ التَّجْدِيدُ، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِنْ خَرَجَ لِغَرَضٍ آخَرَ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّجْدِيدِ، وَسَوَاءٌ طَالَ الزَّمَانُ، أَمْ قَصُرَ.

وَالثَّانِي: إِنْ طَالَتْ مُدَّةُ الْخُرُوجِ، وَجَبَ التَّجْدِيدُ، وَإِلَّا فَلَا، وَسَوَاءٌ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، أَمْ لِغَيْرِهِ.

وَالثَّالِثُ: لَا حَاجَةَ إِلَى التَّجْدِيدِ مُطْلَقًا.

وَالرَّابِعُ: هُوَ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» : إِنْ خَرَجَ لِأَمْرٍ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي الِاعْتِكَافِ الْمُتَتَابِعِ، وَجَبَ التَّجْدِيدُ. وَإِنْ خَرَجَ لِأَمْرٍ لَا يَقْطَعُهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ، كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَالْغُسْلِ لِلِاحْتِلَامِ، لَمْ يَجِبِ التَّجْدِيدُ.

وَإِنْ كَانَ مِنْهُ بُدٌّ، أَوْ طَالَ الزَّمَانُ، فَفِي التَّجْدِيدِ عَلَى هَذَا وَجْهَانِ. وَهَذَا الْخِلَافُ مُطَّرِدٌ فِيمَا إِذَا نَوَى مُدَّةً لِاعْتِكَافِ تَطَوُّعٍ، وَفِيمَا إِذَا نَذَرَ أَيَّامًا وَلَمْ يَشْرُطْ فِيهَا التَّتَابُعَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ.

أَمَّا إِذَا شَرَطَ التَّتَابُعَ، أَوْ كَانَتِ الْمَنْذُورَةُ مُتَوَاصِلَةً، فَسَيَأْتِي حُكْمُ التَّجْدِيدِ فِيهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>