للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِذَا أَسْلَمَ، بَنَى. وَنُصَّ أَنَّهُ لَوْ سَكِرَ فِي اعْتِكَافِهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، يَسْتَأْنِفُ. وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِيهِمَا عَلَى طُرُقٍ.

الْمَذْهَبُ: بُطْلَانُ اعْتِكَافِهِمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَنَصُّهُ فِي الْمُرْتَدِّ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ اعْتِكَافٌ غَيْرُ مُتَتَابِعٍ. فَإِذَا أَسْلَمَ بَنَى، لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُحْبِطُ مَا سَبَقَ عِنْدَنَا، إِلَّا إِذَا مَاتَ مُرْتَدًّا.

وَنَصُّهُ فِي السَّكْرَانِ فِي اعْتِكَافٍ مُتَتَابِعٍ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ. وَالْفَرْقُ بِأَنَّ السَّكْرَانَ يُمْنَعُ الْمَسْجِدَ بِكُلِّ حَالٍ، بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ.

وَاخْتَارَ أَصْحَابُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ هَذَا الطَّرِيقَ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ الْمَذْهَبُ. وَالثَّالِثُ: فِيهِمَا قَوْلَانِ. وَالرَّابِعُ: لَا يَبْطُلُ فِيهِمَا. وَالْخَامِسُ: يُبْطِلُ السُّكْرُ لِامْتِدَادِ زَمَنِهِ، وَكَذَا الرِّدَّةُ إِنْ طَالَ زَمَنُهَا، وَإِنْ قَصُرَ بَنَى.

وَالسَّادِسُ: يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ دُونَ السُّكْرِ، لِأَنَّهُ كَالنَّوْمِ، وَالرِّدَّةُ تُنَافِي الْعِبَادَةَ. وَهَذَا الطَّرِيقُ حَكَاهُ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُمَا.

وَهَذَا الْخِلَافُ، أَنَّهُ هَلْ يَبْقَى مَا تَقَدَّمَ عَلَى الرِّدَّةِ وَالسُّكْرِ مُعْتَدًّا بِهِ فَيُبْنَى عَلَيْهِ، أَمْ يَبْطُلُ فَيَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِئْنَافِ إِنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ مُتَتَابِعًا؟ فَأَمَّا زَمَنُ الرِّدَّةِ وَالسُّكْرِ فَغَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ قَطْعًا.

وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: يُعْتَدُّ بِزَمَنِ السُّكْرِ. وَأَشَارَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ، إِلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الِاعْتِدَادِ بِزَمَنِ الرِّدَّةِ، وَالسُّكْرِ. وَالْمَذْهَبُ مَا سَبَقَ.

وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، أَوْ جُنَّ فِي زَمَنِ الِاعْتِكَافِ، فَإِنْ لَمْ يُخْرَجْ مِنَ الْمَسْجِدِ، لَمْ يَبْطُلِ اعْتِكَافُهُ، لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. وَإِنْ أُخْرِجَ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهُ فِي الْمَسْجِدِ، لَمْ يَبْطُلْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلِ الْخُرُوجُ بِاخْتِيَارِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حُمِلَ الْعَاقِلُ مُكْرَهًا.

وَإِنْ أَمْكَنَ وَلَكِنْ شَقَّ، فَفِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي الْمَرِيضِ إِذَا أُخْرِجَ. قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : وَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الْجُنُونِ مِنَ الِاعْتِكَافِ، وَيُحْسَبُ زَمَنُ الْإِغْمَاءِ عَلَى الْمَذْهَبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>