فَرْعٌ
لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْحَائِضِ، وَلَا الْجُنُبِ. وَمَتَى طَرَأَ الْحَيْضُ عَلَى الْمُعْتَكِفَةِ، لَزِمَهَا الْخُرُوجُ. فَإِنْ مَكَثَتْ، لَمْ يُحْسَبْ عَنِ الِاعْتِكَافِ.
وَهَلْ يُبْطِلُ مَا سَبَقَ، أَمْ يُبْنَى عَلَيْهِ؟ فِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ طَرَأَتِ الْجَنَابَةُ بِمَا يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ، لَمْ يَخْفَ الْحُكْمُ.
وَإِنْ طَرَأَتْ بِمَا لَا يُبْطِلُهُ، كَالِاحْتِلَامِ، وَالْجِمَاعِ نَاسِيًا، وَالْإِنْزَالِ بِالْمُبَاشَرَةِ دُونَ الْفَرْجِ، إِذَا قُلْنَا: لَا يُبْطِلُهُ، لَزِمَهُ أَنْ يُبَادِرَ بِالْغُسْلِ كَيْلَا يَبْطُلَ تَتَابُعُهُ، وَلَهُ الْخُرُوجُ لِلْغُسْلِ، سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ الْغُسْلُ فِي الْمَسْجِدِ، أَمْ لَا، لِأَنَّهُ أَصْوَنُ لِمُرُوءَتِهِ وَلِلْمَسْجِدِ. وَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الْجَنَابَةِ مِنَ الِاعْتِكَافِ عَلَى الصَّحِيحِ.
الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْمُعْتَكَفُ فِيهِ وَهُوَ الْمَسْجِدُ، فَيَخْتَصُّ بِالْمَسَاجِدِ، وَيَجُوزُ فِي جَمِيعِهَا، وَالْجَامِعُ أَوْلَى. وَأَوْمَأَ فِي الْقَدِيمِ إِلَى اشْتِرَاطِ الْجَامِعِ، وَالْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ مَا سَبَقَ. وَلَوِ اعْتَكَفَتِ الْمَرْأَةُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا - وَهُوَ الْمُعْتَزَلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ - لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْجَدِيدِ، وَيَصِحُّ عَلَى الْقَدِيمِ.
فَإِنْ صَحَّحْنَاهُ، فَفِي جَوَازِ اعْتِكَافِ الرَّجُلِ فِيهِ وَجْهَانِ. وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ.
وَعَلَى الْجَدِيدِ: كُلُّ امْرَأَةٍ يُكْرَهُ لَهَا الْخُرُوجُ لِلْجَمَاعَةِ، يُكْرَهُ لَهَا الْخُرُوجُ لِلِاعْتِكَافِ، وَمَنْ لَا، فَلَا.
قُلْتُ: قَدْ أَنْكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَجَمَاعَةٌ هَذَا الْقَدِيمَ. وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا قَوْلًا وَاحِدًا، وَغَلَّطُوا مَنْ قَالَ: قَوْلَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
إِذَا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِي مَسْجِدٍ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، تَعَيَّنَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute