للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقِسْمُ الثَّانِي: مَنْ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ. فَإِنْ كَانَ قَوِيًّا عَلَى الْمَشْيِ لَزِمَهُ الْحَجُّ، وَلَا تُعْتَبَرُ الرَّاحِلَةُ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَا يَقْوَى لِلْمَشْيِ، أَوْ يَنَالُهُ بِهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ، اشْتُرِطَتِ الرَّاحِلَةُ وَالْمَحْمِلُ أَيْضًا إِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّكُوبُ بِدُونِهِ. وَلَنَا وَجْهٌ: أَنَّ الْقَرِيبَ كَالْبَعِيدِ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالزَّحْفِ بِحَالٍ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ.

قُلْتُ: وَحَكَى الدَّارِمِيُّ وَجْهًا ضَعِيفًا عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ الْقَطَّانِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْحَبْوُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. وَحَيْثُ اعْتَبَرْنَا وُجُودَ الرَّاحِلَةِ وَالْمَحْمِلِ فَالْمُرَادُ أَنْ يَمْلِكَهُمَا أَوْ يَتَمَكَّنَ مِنْ تَمَلُّكِهِمَا أَوِ اسْتِئْجَارِهِمَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَا يَصْرِفُهُ فِيهِمَا مِنَ الْمَالِ فَاضِلًا عَمَّا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الزَّادِ فَاضِلًا عَنْهُ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْأَمْرُ الثَّانِي: الزَّادُ.

فَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ أَنْ يَجِدَ الزَّادَ وَأَوْعِيَتَهُ، وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي السَّفَرِ. فَإِنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ، أَوْ عَشِيرَةٌ، اشْتُرِطَ ذَلِكَ لِذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا، فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَعَلَى الثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ لِلرُّجُوعِ.

وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي اشْتِرَاطِ الرَّاحِلَةِ لِلرُّجُوعِ، وَهَلْ يُخَصُّ الْوَجْهَانِ بِمَا إِذَا لَمْ يَمْلِكْ بِبَلَدِهِ مَسْكَنًا، أَمْ لَا؟

فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَهُ: التَّخْصِيصُ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلرُّجُوعِ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ وَأَهْلٌ. وَهَذَا شَاذٌّ مُنْكَرٌ، وَلَيْسَ الْمَعَارِفُ وَالْأَصْدِقَاءُ كَالْعَشِيرَةِ، لِأَنَّ الِاسْتِبْدَالَ بِهِمْ مُتَيَسِّرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>