فَرْعٌ
وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مَالُهُ مَعَ مَا ذَكَرْنَا فَاضِلًا عَنْ قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ، مُؤَجَّلًا كَانَ أَمْ حَالًّا.
وَفِيهِ وَجْهٌ:
أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْأَجَلُ بِحَيْثُ يَنْقَضِي بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الْحَجِّ لَزِمَهُ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَلَوْ كَانَ مَالُهُ دَيْنًا يَتَيَسَّرُ تَحْصِيلُهُ فِي الْحَالِ، بِأَنْ كَانَ حَالًّا عَلَى مَلِئِ مُقِرٍّ، أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَهُوَ كَالْحَاصِلِ فِي يَدِهِ. وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ بِأَنْ كَانَ مُؤَجَّلًا أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ، أَوْ جَاحِدٍ لَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ، فَكَالْمَعْدُومِ.
الْأَمْرُ الثَّالِثُ: الطَّرِيقُ.
فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمْنُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: النَّفْسُ، وَالْبِضْعُ، وَالْمَالُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَيْسَ الْأَمْنُ الْمَطْلُوبُ قَطْعِيًّا، وَلَا يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ الْغَالِبُ فِي الْحَضَرِ بَلِ الْأَمْنُ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ. فَأَحَدُ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ، النَّفْسُ. فَمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ سَبُعٍ، أَوْ عَدُوٍّ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ، إِنْ لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آخَرَ آمِنًا. فَإِنْ وَجَدَهُ لَزِمَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ مَسَافَةِ طَرِيقِهِ أَوْ أَبْعَدَ، إِذَا وَجَدَ مَا يَقْطَعُهُ بِهِ. وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سُلُوكُ الْأَبْعَدِ.
وَلَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ بَحْرٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الْبَرِّ طَرِيقٌ أَيْضًا، لَزِمَهُ الْحَجُّ قَطْعًا، وَإِلَّا فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكَ إِمَّا لِخُصُوصِ ذَلِكَ الْبَحْرِ، وَإِمَّا لِهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ لَمْ يَجِبْ. وَإِنْ غَلَبَتِ السَّلَامَةُ وَجَبَ. وَإِنِ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَجِبُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. وَقِيلَ: يَجِبُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. وَقِيلَ: إِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ رُكُوبَهُ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَجِبُ اسْتُحِبَّ عَلَى الْأَصَحِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute