للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنْ غَلَبَتِ السَّلَامَةُ. وَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ حَرُمَ. وَإِنِ اسْتَوَيَا، فَفِي التَّحْرِيمِ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: التَّحْرِيمُ، وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. وَلَوْ تَوَسَّطَ الْبَحْرَ وَقُلْنَا: لَا يَجِبُ رُكُوبُهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ التَّمَادِي أَمْ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ؟ نُظِرَ إِنْ كَانَ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَكْثَرَ، فَلَهُ الرُّجُوعُ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَزِمَهُ التَّمَادِي قَطْعًا. وَإِنِ اسْتَوَيَا، فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَلْزَمُهُ التَّمَادِي. وَالْوَجْهَانِ فِيمَا إِذَا كَانَ لَهُ فِي الرُّجُوعِ طَرِيقٌ غَيْرُ الْبَحْرِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَطْعًا؛ لِئَلَّا يَتَحَمَّلَ زِيَادَةَ الْأَخْطَارِ. هَذَا كُلُّهُ فِي الرَّجُلِ. فَأَمَّا الْمَرْأَةُ، فَفِيهَا خِلَافٌ مُرَتَّبٌ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ لِضَعْفِهَا عَنِ احْتِمَالِ الْأَهْوَالِ، وَلِكَوْنِهَا عَوْرَةً مُعَرَّضَةً لِلِانْكِشَافِ وَغَيْرِهِ لِضِيقِ الْمَكَانِ. فَإِنْ لَمْ نُوجِبْ عَلَيْهَا، لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهَا. وَقِيلَ بِطَرْدِ الْخِلَافِ. وَلَيْسَتِ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ كَجَيْحُونَ فِي حُكْمِ الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ الْمُقَامَ فِيهَا لَا يَطُولُ، وَالْخَطَرَ فِيهَا لَا يَعْظُمُ. وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: أَنَّهَا كَالْبَحْرِ. وَأَمَّا الْبِضْعُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحَجُّ حَتَّى تَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا بِزَوْجٍ، أَوْ مَحْرَمٍ بِنَسَبٍ أَوْ بِغَيْرِ نَسَبٍ، أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعَ إِحْدَاهُنَّ مَحْرَمٌ؟

وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا؛ لِأَنَّ الْأَطْمَاعَ تَنْقَطِعُ بِجَمَاعَتِهِنَّ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْحَجُّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَفِي قَوْلٍ: يَلْزَمُهَا إِذَا وَجَدَتِ امْرَأَةً وَاحِدَةً. وَفِي قَوْلٍ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَنَقَلَهُ الْكَرَابِيسِيُّ: أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَخْرُجَ وَحْدَهَا إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ مَسْلُوكًا، كَمَا يَلْزَمُهَا الْخُرُوجُ إِذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَحْدَهَا. وَجَوَابُ الْمَذْهَبِ عَنْ هَذَا أَنَّ الْخَوْفَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَكْثَرُ مِنَ الطَّرِيقِ.

هَذَا فِي حَجِّ الْفَرْضِ، وَهَلْ لَهَا الْخُرُوجُ إِلَى سَائِرِ الْأَسْفَارِ مَعَ النِّسَاءِ الْخُلَّصِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: لَا يَجُوزُ.

أَمَّا الْمَالُ، فَلَوْ خَافَ عَلَى مَالِهِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ رَصَدِيٍّ، لَمْ يَجِبِ الْحَجُّ وَإِنْ كَانَ الرَّصَدِيُّ يَرْضَى بِشَيْءٍ يَسِيرٍ، إِذَا تَعَيَّنَ ذَلِكَ الطَّرِيقُ، وَسَوَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>