فَرْعٌ
إِذَا لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ فِي الْحَجِّ وَرَجَعَ لَزِمَهُ صَوْمُ الْعَشَرَةِ. وَفِي الثَّلَاثَةِ، الْقَوْلُ الْمُخَرَّجُ الَّذِي سَبَقَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: هَلْ يَجِبُ التَّفْرِيقُ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ؟ قَوْلَانِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: يَجِبُ. وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ: لَا يَجِبُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ، هَلْ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ تَفْرِيقُ الْأَدَاءِ؟ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، بَلْ يَكْفِي التَّفْرِيقُ بِيَوْمٍ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» . وَأَظْهَرُهُمَا: يَجِبُ. وَفِي قَدْرِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ تَتَوَلَّدُ مِنْ أَصْلَيْنِ سَبَقَا، وَهُمَا صَوْمُ الْمُتَمَتِّعِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَأَنَّ الرُّجُوعَ مَاذَا؟ فَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ لِلْمُتَمَتِّعِ صَوْمُ التَّشْرِيقِ، وَأَنَّ الرُّجُوعَ إِلَى الْوَطَنِ، فَالتَّفْرِيقُ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.
وَمُدَّةُ إِمْكَانِ السَّيْرِ إِلَى أَهْلِهِ، عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ لَهُ صَوْمُهَا، وَأَنَّ الرُّجُوعَ، الْفَرَاغُ، فَالتَّفْرِيقُ بِأَرْبَعَةٍ فَقَطْ. وَإِنْ قُلْنَا: لَهُ صَوْمُهَا، وَأَنَّ الرُّجُوعَ إِلَى الْوَطَنِ، فَالتَّفْرِيقُ بِمُدَّةِ إِمْكَانِ السَّيْرِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَهُ صَوْمُهَا، وَالرُّجُوعُ الْفَرَاغُ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَجِبُ التَّفْرِيقُ.
وَالثَّانِي: لَا بُدَّ مِنَ التَّفْرِيقِ بِيَوْمٍ. فَإِنْ أَرَدْتَ حَصْرَ الْأَقْوَالِ الَّتِي تَجِئُ فِيمَنْ لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ فِي الْحَجِّ مُخْتَصَرًا، حَصَلَتْ سِتَّةٌ.
أَحَدُهَا: لَا صَوْمَ، بَلْ يَنْتَقِلُ إِلَى الْهَدْيِ. وَالثَّانِي: عَلَيْهِ صَوْمُ عَشَرَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوْ مُتَتَابِعَةٍ. وَالثَّالِثُ: عَشَرَةٌ وَيُفَرِّقُ بِيَوْمٍ فَصَاعِدًا. وَالرَّابِعُ: يُفَرِّقُ بِأَرْبَعَةٍ وَمُدَّةِ إِمْكَانِ السَّيْرِ إِلَى الْوَطَنِ. وَالْخَامِسُ: يُفَرِّقُ بِأَرْبَعَةٍ فَقَطْ. وَالسَّادِسُ: بِمُدَّةِ إِمْكَانِ السَّيْرِ فَقَطْ.
قُلْتُ: الْمَذْهَبُ مِنْهَا: هُوَ الرَّابِعُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَلَوْ صَامَ عَشَرَةً مُتَوَالِيَةً، وَقُلْنَا بِالْمَذْهَبِ، وَهُوَ وُجُوبُ قَضَاءِ الثَّلَاثَةِ أَجْزَأَهُ إِنْ لَمْ نَشْتَرِطِ التَّفْرِيقَ. فَإِنْ شَرَطْنَاهُ وَاكْتَفَيْنَا بِيَوْمٍ، لَمْ يُعْتَدَّ بِالْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَيُحْسَبْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute