وَأَمَّا هُنَا فَأَصْلُ الْإِحْرَامِ مَحْزُومٌ بِهِ. وَاحْتَجُّوا لِلْمَذْهَبِ بِصُورَتَيْنِ نُصَّ عَلَيْهِمَا فِي «الْأُمِّ» .
أَحَدُهُمَا: لَوِ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلَانِ لِيَحُجَّ عَنْهُمَا، فَأَحْرَمَ عَنْهُمَا، لَمْ يَنْعَقِدْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَانْعَقَدَ عَنِ الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مُتَعَذَّرٌ، فَلَغَتِ الْإِضَافَةُ، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ، أَمْ عَلَى الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَى إِجَارَتَيِ الْعَيْنِ فَاسِدَةً إِلَّا أَنَّ الْإِحْرَامَ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ الْإِجَارَةِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: لَوِ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ لِيَحُجَّ عَنْهُ، فَأَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ الْمُسْتَأْجِرِ لَغَتِ الْإِضَافَتَانِ، وَبَقِيَ الْإِحْرَامُ لِلْأَجِيرِ. فَلَمَّا لَغَتِ الْإِضَافَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَبَقِيَ أَصْلُ الْإِحْرَامِ، جَازَ أَنْ يَلْغُوَ هُنَا التَّشْبِيهَ، وَيَبْقَى أَصْلُ الْإِحْرَامِ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ زَيْدٌ مُحْرِمًا وَتَتَعَذَّرُ مُرَاجَعَتُهُ، لِجُنُونٍ، أَوْ غَيْبَةٍ، أَوْ مَوْتٍ. وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُقَدِّمَةٌ، وَهِيَ لَوْ أَحْرَمَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ، ثُمَّ نَسِيَهُ، قَالَ فِي الْقَدِيمِ: أُحِبُّ أَنْ يَقْرِنَ. وَإِنْ تَحَرَّى، رَجَوْتُ أَنْ يُجْزِئَهُ. وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: هُوَ قَارِنٌ. وَلِلْأَصْحَابِ فِيهِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِجَوَازِ التَّحَرِّي. وَتَأْوِيلُ الْجَدِيدِ عَلَى مَا إِذَا شَكَّ، هَلْ أَحْرَمَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ، أَمْ قَرَنَ؟ وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ. الْقَدِيمُ: جَوَازُ التَّحَرِّي، وَيَعْمَلُ بِظَنِّهِ. وَالْجَدِيدُ: لَا يَتَحَرَّى. فَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ فَتَحَرَّى، مَضَى فِيمَا ظَنَّهُ مِنَ النُّسُكَيْنِ، وَأَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ الشَّكُّ. وَفَائِدَةُ التَّحَرِّي: الْخَلَاصُ مِنَ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَلِلشَّكِّ صُورَتَانِ.
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يُعَرِّضَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَلَفْظُ النَّصِّ: أَنَّهُ قَارِنٌ. وَقَالَ الْأَصْحَابُ: مَعْنَاهُ: أَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ، وَيَجْعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا. وَحُكِيَ قَوْلٌ أَنَّهُ يَصِيرُ قَارِنًا بِلَا نِيَّةٍ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. ثُمَّ إِذَا نَوَى الْقِرَانَ وَأَتَى بِالْأَعْمَالِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute