للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَحَلَّلَ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ عَنِ الْحَجِّ بِيَقِينٍ، وَأَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، لَمْ يَضُرَّ تَجْدِيدُ الْعُمْرَةِ بَعْدَهُ، سَوَاءٌ قُلْنَا: يَصِحُّ إِدْخَالُهَا عَلَيْهِ، أَمْ لَا. وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ، فَإِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي أَعْمَالِهَا، جَائِزٌ. وَأَمَّا الْعُمْرَةُ، فَإِنْ جَوَّزْنَا إِدْخَالَهَا عَلَى الْحَجِّ، أَجْزَأَتْهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا تُجْزِئُهُ، لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ الْعُمْرَةِ. وَالثَّانِي: تُجْزِئُهُ، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ.

وَيَكُونُ الِاشْتِبَاهُ عُذْرًا فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهَا. فَإِنْ قُلْنَا: تُجْزِئُ، لَزِمَهُ دَمُ الْقِرَانِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا تُجْزِئُهُ الْعُمْرَةُ، لَمْ يَجِبِ الدَّمُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَوْلُنَا: يَجْعَلُ نَفْسَهُ قَارِنًا، لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْزَامِ.

قَالَ الْإِمَامُ: لَمْ يَذْكُرِ الشَّافِعِيُّ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - الْقِرَانَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، بَلْ ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّهُ لِيَسْتَفِيدَ مِنْهُ الشَّاكُّ التَّحَلُّلَ مَعَ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنَ النُّسُكَيْنِ. فَلَوِ اقْتَصَرَ بَعْدَ النِّسْيَانِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ حَصَلَ التَّحَلُّلَ قَطْعًا، وَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ عَنِ الْحَجِّ، وَلَا تَبْرَأُ عَنِ الْعُمْرَةِ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ ابْتِدَاءً بِالْحَجِّ. وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ: لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ، وَأَتَى بِأَعْمَالِ الْقِرَانِ، حَصَلَ التَّحَلُّلُ، وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنَ الْعُمْرَةِ إِنْ جَوَّزْنَا إِدْخَالَهَا عَلَى الْحَجِّ، وَلَا تَبْرَأُ عَنِ الْحَجِّ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ ابْتِدَاءً وَلَمْ يُغَيِّرْهَا. وَلَوْ لَمْ يُجَدِّدْ إِحْرَامًا بَعْدَ النِّسْيَانِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِعَمَلِ الْحَجِّ، حَصَلَ التَّحَلُّلُ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ النُّسُكَيْنِ، لِشَكِّهِ فِيمَا أَتَى بِهِ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى عَمَلِ الْعُمْرَةِ، لَمْ يَحْصُلِ التَّحَلُّلُ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَلَمْ يُتِمَّ أَعْمَالَهُ.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: [أَنْ] يَعْرِضَ الشَّكُّ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَلَهُ أَحْوَالٌ.

أَحَدُهَا: أَنْ يَعْرِضَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَقَبْلَ الطَّوَافِ، فَإِذَا نَوَى الْقِرَانَ، فَيُجْزِئُهُ الْحَجُّ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِهِ، فَذَاكَ. وَإِنْ كَانَ بِالْعُمْرَةِ، فَقَدْ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا قَبْلَ الطَّوَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>