للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

، وَذَلِكَ جَائِزٌ. وَلَا تُجْزِئُهُ الْعُمْرَةُ إِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ إِدْخَالُهَا عَلَى الْحَجِّ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي التَّحَلُّلِ. وَهَذَا الْحَالُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إِذَا كَانَ وَقْتُ الْوُقُوفِ بَاقِيًا عِنْدَ مَصِيرِهِ قَارِنًا ثُمَّ وَقَفَ ثَانِيًا، وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ، فَلَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الْوُقُوفُ عَنِ الْحَجِّ.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَعْرِضَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الْوُقُوفِ، فَإِذَا نَوَى الْقِرَانَ، وَأَتَى بِأَفْعَالِ الْقَارِنِ لَمْ يُجْزِئْهُ الْحَجُّ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ، فَيَمْتَنِعُ إِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا بَعْدَ الطَّوَافِ.

وَأَمَّا الْعُمْرَةُ، فَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ إِدْخَالِهَا عَلَى الْحَجِّ بَعْدَ الطَّوَافِ، أَجْزَأَتْهُ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَذَكَرَ ابْنُ الْحَدَّادِ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنَّهُ يُتِمُّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ، بِأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتِي الطَّوَافِ، وَيَسْعَى، وَيَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ، ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ، وَيَأْتِيَ بِأَعْمَالِهِ. فَإِذَا فَعَلَ هَذَا صَحَّ حَجُّهُ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، لَمْ يَضُرَّ تَجْدِيدُ إِحْرَامِهِ. وَإِنْ كَانَ بِالْعُمْرَةِ، فَقَدْ تَمَتَّعَ، وَلَا تَصِحُّ عُمْرَتُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، وَلَا تَدَخُلُ الْعُمْرَةُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَنْوِ الْقِرَانَ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ، وَصَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» وَالْأَكْثَرُونَ: إِنْ فَعَلَ هَذَا، فَالْجَوَابُ مَا ذَكَرَهُ. لَكِنْ لَوِ اسْتَفْتَانَا، لَمْ نُفْتِهِ بِهِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَلْقُ يَقَعُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ. وَهَذَا كَمَا لَوِ ابْتَلَعَتْ دَجَاجَةُ إِنْسَانٍ جَوْهَرَةً لِغَيْرِهِ، لَا يُفْتَى صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ بِذَبْحِهَا وَأَخْذِ الْجَوْهَرَةِ. فَلَوْ ذَبَحَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا قَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهَا حَيَّةً وَمَذْبُوحَةً، وَكَذَا لَوْ تَقَابَلَتْ دَابَّتَانِ لِشَخْصَيْنِ عَلَى شَاهِقٍ، وَتَعَذَّرَ مُرُورُهُمَا، لَا يُفْتَى أَحَدُهُمَا بِإِهْلَاكِ دَابَّةِ الْآخَرِ، لَكِنْ لَوْ فَعَلَ خَلَّصَ دَابَّتَهُ، وَلَزِمَهُ قِيمَةُ دَابَّةِ صَاحِبِهِ، وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْحَدَّادِ. وَوَجَّهَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: بِأَنَّ الْحَلْقَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ يُبَاحُ بِالْعُذْرِ، كَمَنَ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ، فَضَرَرُ الِاشْتِبَاهِ لَوْ لَمْ يَحْلِقْ أَكْثَرُ فَإِنَّهُ يَفُوتُ الْحَجُّ، وَسَوَاءٌ أَفْتَيْنَاهُ بِمَا قَالَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>