ابْنُ الْحَدَّادِ، أَمْ لَمْ نُفْتِهِ، فَفَعَلَ لَزِمَهُ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ، فَقَدْ حَلَقَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ، وَإِنْ كَانَ بِعُمْرَةٍ، فَقَدْ تَمَتَّعَ، فَيُرِيقُ دَمًا عَنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَلَا يُعَيِّنُ الْجِهَةَ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ. فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا يَجِدُ دَمًا وَلَا طَعَامًا صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ كَصَوْمِ الْمُتَمَتِّعِ. فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ دَمَ الْمُتَمَتِّعِ، فَذَاكَ وَإِنْ كَانَ دَمَ الْحَلْقِ أَجْزَأَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، الْبَاقِي تَطَوُّعٌ. وَلَا يُعَيِّنَ الْجِهَةَ فِي صَوْمِ الثَّلَاثَةِ، وَيَجُوزُ تَعْيِينُ التَّمَتُّعِ فِي صَوْمِ السَّبْعَةِ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى صَوْمِ ثَلَاثَةٍ، هَلْ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ؟ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ: أَنَّهُ لَا تَبْرَأُ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْرَأَ، وَعَبَّرَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْوَسِيطِ» عَنْ هَذَيْنِ بِوَجْهَيْنِ. وَيُجْزِئُهُ الصَّوْمُ مَعَ وُجُودِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلطَّعَامِ فِي التَّمَتُّعِ. وَفِدْيَةُ الْحَلْقِ عَلَى التَّخْيِيرِ. وَلَوْ أَطْعَمَ، هَلْ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ؟ فِيهِ كَلَامَا الشَّيْخِ وَالْإِمَامِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا اسْتَجْمَعَ الرَّجُلُ شُرُوطَ وُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَجْمِعْهَا، كَالْمَكِّيِّ، لَمْ يَجِبِ الدَّمُ؛ لِأَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ مَفْقُودٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَلْقِ. وَإِذَا جُوِّزَ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ أَوَّلًا بِالْقِرَانِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ آخَرُ مَعَ الدَّمِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَعْرِضَ الشَّكُّ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ. فَإِنْ أَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ، لَمْ يَحْصُلْ لَهُ حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ. أَمَّا الْحَجُّ، فَلِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ، فَلَا يَنْفَعُهُ الْوُقُوفُ. وَأَمَّا الْعُمْرَةُ، فَلِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ، وَلَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ. فَإِنْ نَوَى الْقِرَانَ، وَلَبَّى، وَأَتَى بِأَعْمَالِ الْقِرَانِ، فَإِجْزَاءُ الْعُمْرَةِ يُبْنَى عَلَى أَنَّهَا هَلْ تَدْخُلُ عَلَى الْحَجِّ بَعْدَ الْوُقُوفِ؟ ثُمَّ قِيَاسُ الْمَذْكُورِ فِي الْحَالِ السَّابِقِ. ثُمَّ لَوْ أَتَمَّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ، وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ مَعَ الْوُقُوفِ، أَجْزَأَهُ الْحَجُّ، وَعَلَيْهِ دَمٌ كَمَا سَبَقَ. وَلَوْ أَتَمَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَأَتَى بِأَعْمَالِهَا، أَجْزَأَتْهُ الْعُمْرَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute