، أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ، أَوْ زِيَارَةِ صَدِيقٍ أَوْ عِيَادَةِ مَرِيضٍ، فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الطَّوَافِ. وَإِنِ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَشِرَاءِ الزَّادِ، وَشَدِّ الرَّحْلِ وَنَحْوِهِمَا، فَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى إِعَادَتِهِ؟
[فِيهِ] طَرِيقَانِ. قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ. وَفِي النِّهَايَةِ: وَجْهَانِ.
قُلْتُ: لَوْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّاهَا، لَمْ يُعِدْهُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
حُكْمُ طَوَافِ الْوَدَاعِ حُكْمُ سَائِرِ أَنْوَاعِ الطَّوَافِ فِي الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ. وَفِيهِ وَجْهٌ لِأَبِي يَعْقُوبَ الْأَبِيوَرْدِيِّ: أَنَّهُ يَصِحُّ بِلَا طَهَارَةٍ، وَتُجْبَرُ الطِّهَارَةُ بِالدَّمِ.
هَلْ طَوَافُ الْوَدَاعِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنَاسِكِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، قَالَ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ: هُوَ مِنَ الْمَنَاسِكِ، وَلَيْسَ عَلَى الْخَارِجِ مِنْ مَكَّةَ وَدَاعٌ لِخُرُوجِهِ مِنْهَا. وَقَالَ صَاحِبَا «التَّتِمَّةِ» وَ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُمَا: لَيْسَ طَوَافُ الْوَدَاعِ مِنَ الْمَنَاسِكِ، بَلْ يُؤْمَرُ بِهِ مَنْ أَرَادَ مُفَارَقَةَ مَكَّةَ إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، سَوَاءٌ كَانَ مَكِّيًّا أَوْ أُفُقِيًّا، وَهَذَا أَصَحُّ؛ تَعْظِيمًا لِلْحَرَمِ، وَتَشْبِيهًا لِاقْتِضَاءِ خُرُوجِهِ الْوَدَاعَ بِاقْتِضَاءِ دُخُولِهِ الْإِحْرَامَ؛ وَلِأَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَكِّيَّ إِذَا حَجَّ وَهُوَ عَلَى أَنَّهُ يُقِيمُ بِوَطَنِهِ، لَا يُؤْمَرُ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ، وَكَذَا الْأُفُقِيُّ إِذَا حَجَّ وَأَرَادَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ، لَا وَدَاعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنَاسِكِ، لَعَمَّ الْحَجِيجَ.
قُلْتُ: وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ مِنَ السُّنَّةِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنَ الْمَنَاسِكِ، مَا ثَبَتَ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» وَغَيْرِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute