للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُسُكِهِ ثَلَاثًا» ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ: أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ يَكُونُ عِنْدَ الرُّجُوعِ، فَسَمَّاهُ قَبْلَهُ: قَاضِيًا لِلْمَنَاسِكِ، وَحَقِيقَتُهُ: أَنْ يَكُونَ قَضَاهَا كُلَّهَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلْحَاجِّ إِذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ، أَنْ يَقِفَ بِحِذَاءِ الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُكَ، وَالْعَبْدُ عَبْدُكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِي مِنْ خَلْقِكَ، حَتَّى سَيَّرْتَنِي فِي بِلَادِكَ، وَبَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِكَ، حَتَّى أَعَنْتَنِي عَلَى قَضَاءِ مَنَاسِكِكَ، فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي، فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا، وَإِلَّا فَالْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِكَ دَارِي، هَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إِنْ أَذِنْتَ [لِي] غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلَا بِبَيْتِكَ، وَلَا رَاغِبٍ عَنْكَ وَلَا عَنْ بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي، وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي، وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي طَاعَتَكَ مَا أَبْقَيْتَنِي، قَالَ: وَمَا زَادَ فَحَسَنٌ، وَقَدْ زِيدَ فِيهِ: وَاجْمَعْ لِي خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِنَّكَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَنْصَرِفُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُتْبِعَ نَظَرَهُ الْبَيْتَ مَا أَمْكَنَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ زَمْزَمَ، وَأَنْ يَزُورَ بَعْدَ الْفَرَاغِ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قُلْتُ: يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ دُخُولُ الْبَيْتِ حَافِيًا مَا لَمْ يُؤْذِ أَوْ يَتَأَذَّ بِزِحَامٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، وَيَدْعُوَ فِي جَوَانِبِهِ، وَأَنْ يُكْثِرَ الِاعْتِمَارَ وَالطَّوَافَ تَطَوُّعًا قَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : الطَّوَافُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ. وَظَاهِرُ عِبَارَةِ صَاحِبِ «الْمُهَذَّبِ» وَآخِرِينَ فِي قَوْلِهِمْ: أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ الصَّلَاةُ أَنَّهَا أَفْضَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>