أَنَّ مَا طُرِحَ فِيهِ الْوَرْدُ وَالْبَنَفْسَجُ، فَهُوَ دُهْنُهُمَا. وَلَوْ طُرِحَا عَلَى السِّمْسِمِ فَأَخَذَ رَائِحَةً، ثُمَّ اسْتُخْرِجَ مِنْهُ الدُّهْنُ، قَالَ الْجُمْهُورُ: لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِدْيَةٌ، وَخَالَفَهُمُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ. وَمِنْهُ الْبَانُ وَدُهْنُهُ، أَطْلَقَ الْجُمْهُورُ: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طِيبٌ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّهُمَا لَيْسَ بِطِيبٍ، وَتَابَعَهُ الْغَزَالِيُّ، وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونُ خِلَافًا مُحَقَّقًا، بَلْ هُمَا مَحْمُولَانِ عَلَى تَوَسُّطٍ حَكَاهُ صَاحِبَا «الْمُهَذِّبِ» وَ «التَّهْذِيبِ» ، وَهُوَ أَنَّ دُهْنَ الْبَانِ الْمَنْشُوشِ، وَهُوَ الْمَغْلِيُّ فِي الطِّيبِ طِيبٌ، وَغَيْرُ الْمَنْشُوشِ لَيْسَ بِطِيبٍ.
قُلْتُ: وَفِي كَوْنِ دُهْنِ الْأُتْرُجِّ طِيبًا، وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ. وَقَطَعَ الدَّارِمِيُّ: بِأَنَّهُ طِيبٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
وَلَوْ أَكَلَ طَعَامًا فِيهِ زَعْفَرَانٌ، أَوْ طِيبٌ آخَرُ، أَوِ اسْتَعْمَلَ مَخْلُوطًا بِالطِّيبِ لَا بِجِهَةِ الْأَكْلِ نُظِرَ إِنِ اسْتُهْلِكَ الطِّيبُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ رِيحٌ وَلَا طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ، فَلَا فِدْيَةَ. وَإِنْ ظَهَرَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ، أَوْ بَقِيَتِ الرَّائِحَةُ فَقَطْ وَجَبَتِ الْفِدْيَةُ. وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ وَحْدَهُ، فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا فِدْيَةَ. وَقِيلَ: لَا فِدْيَةَ قَطْعًا. وَإِنْ بَقِيَ الطَّعْمُ فَقَطْ، فَكَالرَّائِحَةِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: كَاللَّوْنِ. وَلَوْ أَكَلَ الْخُلُنْجِينَ الْمُرَبَّى بِالْوَرْدِ نُظِرَ فِي اسْتِهْلَاكِ الْوَرْدِ فِيهِ وَعَدَمِهِ، وَخُرِّجَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ.
قُلْتُ: قَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» وَالرُّويَانِيُّ: لَوْ أَكَلَ الْعُودَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَطَيِّبًا بِهِ إِلَّا بِأَنْ يَتَبَخَّرَ بِهِ، بِخِلَافِ الْمِسْكِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute