فَرْعٌ
لَوْ خَفِيَتْ رَائِحَةُ الطِّيبِ، أَوِ الثَّوْبِ الْمُطَيَّبِ لِمُرُورِ الزَّمَانِ، أَوْ لِغُبَارٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ فَاحَتْ رَائِحَتُهُ، حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ. وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ، لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوِ انْغَمَرَ شَيْءٌ مِنَ الطِّيبِ فِي غَيْرِهِ كَمَاءِ وَرْدٍ انْمَحَقَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ، لَمْ تَجِبِ الْفِدْيَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. فَلَوِ انْغَمَرَتِ الرَّائِحَةُ وَبَقِيَ اللَّوْنُ أَوِ الطَّعْمُ، فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ.
فِي بَيَانِ الِاسْتِعْمَالِ
هُوَ أَنْ يَلْصَقَ الطِّيبُ بِبَدَنِهِ، أَوْ مَلْبُوسِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ الطِّيبِ. فَلَوْ طَيَّبَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ بِغَالِيَةٍ، أَوْ مِسْكٍ مَسْحُوقٍ، أَوْ مَاءِ وَرْدٍ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ سَوَاءٌ الْإِلْصَاقُ بِظَاهِرِ الْبَدَنِ أَوْ بَاطِنِهِ، بِأَنْ أَكَلَهُ أَوِ احْتَقَنَ بِهِ، أَوِ اسْتَعَطَ. وَقِيلَ: لَا فِدْيَةَ فِي الْحُقْنَةِ وَالسَّعُوطِ، وَلَوْ عَبِقَ بِهِ الرِّيحُ دُونَ الْعَيْنِ بِأَنْ جَلَسَ فِي دُكَّانِ عَطَّارٍ، أَوْ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَهِيَ تُبَخَّرُ، أَوْ فِي بَيْتٍ تَبَخَّرَ سَاكِنُوهُ فَلَا فِدْيَةَ. ثُمَّ إِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْمَوْضِعَ لِاشْتِمَامِ الرَّائِحَةِ، لَمْ يُكْرَهْ، وَإِلَّا كُرِهَ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: يُكْرَهُ قَطْعًا. وَالْقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ، وَالْمَذْهَبُ: الْأَوَّلُ وَلَوِ احْتَوَى عَلَى مِجْمَرَةٍ فَتَبَخَّرَ بِالْعُودِ بَدَنُهُ، أَوْ ثِيَابُهُ، لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ. فَلَوْ مَسَّ طِيبًا فَلَمْ يَعْلُقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ عَيْنِهِ، لَكِنْ عَبِقَتْ بِهِ الرَّائِحَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute