فَرْعٌ
لَوْ دَلَّ الْحَلَالُ مُحْرِمًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ، وَجَبَ الْجَزَاءُ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَلَالِ، سَوَاءً كَانَ فِي يَدِهِ، أَمْ لَا، لَكِنَّهُ يَأْثَمُ.
وَلَوْ دَلَّ الْمُحْرِمُ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ، لَزِمَهُ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ حِفْظَهُ وَهُوَ وَاجِبٌ، فَصَارَ كَالْمُودَعِ إِذَا دَلَّ السَّارِقَ، وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَلَوْ أَمْسَكَ مُحْرِمٌ صَيْدًا حَتَّى قَتَلَهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ حَلَالًا، وَجَبَ الْجَزَاءُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْحَلَالِ؟ وَجْهَانِ:
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَرَامٍ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: نَعَمْ، وَبِهِ قُطِعَ فِي «التَّهْذِيبِ» كَمَا لَوْ غَصَبَ شَيْئًا فَأَتْلَفَهُ إِنْسَانٌ فِي يَدِهِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا أَيْضًا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْجَزَاءُ كُلُّهُ عَلَى الْقَاتِلِ. وَالثَّانِي: عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ: الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُمْسِكَ يَضَمَنُهُ بِالْيَدِ، وَالْقَاتِلَ بِالْإِتْلَافِ. فَإِنْ أَخْرَجَ الْمُمْسِكُ الضَّمَانَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُتْلِفِ، وَإِنْ أَخْرَجَ الْمُتْلِفُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُمْسِكِ.
قُلْتُ: قَالَ صَاحِبُ «الْبَحْرِ» : لَوْ رَمَى حَلَالٌ صَيْدًا، ثُمَّ أَحْرَمَ، ثُمَّ أَصَابَهُ ضَمِنَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ رَمَى مُحْرِمٌ ثُمَّ تَحَلَّلَ، بِأَنَّ قَصَّرَ شَعْرَهُ، ثُمَّ أَصَابَهُ، فَوَجْهَانِ. وَلَوْ رَمَى صَيْدًا، فَنَفَذَ مِنْهُ إِلَى صَيْدٍ آخَرَ، فَقَتَلَهُمَا، ضَمِنَهُمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute