للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّرْتِيبِ، أَمِ التَّخْيِيرِ؟ وَسَيَأْتِي إِيضَاحُ هَذَا كُلِّهِ فِي الْبَابِ الْآتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَإِنْ قُلْنَا: لَا بَدَلَ، وَكَانَ وَاجِدًا لِدَمٍ، ذَبَحَهُ، وَنَوَى التَّحَلُّلَ عِنْدَهُ. وَإِنَّمَا اشْتُرِطَتِ النِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ قَدْ يَكُونُ لِلتَّحَلُّلِ وَلِغَيْرِهِ، فَيَشْتَرِطُ قَصْدَ صَارِفٍ. وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ لِإِعْسَارِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَهَلْ يَتَحَلَّلُ فِي الْحَالِ، أَمْ يَتَوَقَّفُ التَّحَلُّلُ عَلَى وُجُودِهِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: التَّحَلُّلُ فِي الْحَالِ، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ. وَهَلْ يَجِبُ الْحَلْقُ؟ إِنْ قُلْنَا: هُوَ نُسُكٌ، فَنَعَمْ، وَإِلَّا، فَلَا.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّا إِنِ اعْتَبَرْنَا الذَّبْحَ وَالْحَلْقَ مَعَ النِّيَّةِ، فَالتَّحَلُّلُ بِالثَّلَاثَةِ. وَإِنْ لَمْ نَعْتَبِرِ الذَّبْحَ، حَصَلَ بِالنِّيَّةِ مَعَ الْحَلْقِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَبِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا عَلَى الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُنَا: الْحَلْقُ لَيْسَ بِنُسُكٍ. وَإِنْ قُلْنَا: لِدَمِ الْإِحْصَارِ بَدَلٌ، فَإِنْ كَانَ يُطْعَمُ، تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَيْهِ، كَتَوَقُّفِهِ عَلَى الذَّبْحِ. وَإِنْ كَانَ يَصُومُ، فَكَذَلِكَ مَعَ تَرَتُّبِ الْخِلَافِ. وَمَنْعُ التَّوَقُّفِ هُنَا أَوْلَى لِلْمَشَقَّةِ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْإِحْرَامِ، لِطُولِ مُدَّةِ الصَّوْمِ.

فَرْعٌ

لَا يُشْتَرَطُ بَعْثُ دَمِ الْإِحْصَارِ إِلَى الْحَرَمِ، بَلْ يَذْبَحُهُ حَيْثُ أُحْصِرَ وَيَتَحَلَّلُ، وَكَذَا مَا لَزِمَهُ مِنْ دِمَاءِ الْمَحْظُورَاتِ قَبْلَ الْإِحْصَارِ، وَمَا مَعَهُ مِنْ هَدْيٍ، وَيُفَرِّقُ لُحُومَهَا عَلَى مَسَاكِينِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. هَذَا إِنْ صُدَّ عَنِ الْحَرَمِ. فَإِنْ صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ دُونَ أَطْرَافِ الْحَرَمِ، فَهَلْ لَهُ الذَّبْحُ فِي الْحِلِّ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ.

الْمَانِعُ الثَّانِي: الْحَصْرُ الْخَاصُّ الَّذِي يَتَّفِقُ لِوَاحِدٍ، أَوْ شِرْذِمَةٍ مِنَ الرُّفْقَةِ. فَيَنْظُرُ، إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُحْرِمُ مَعْذُورًا فِيهِ، كَمَنْ حُبِسَ فِي دَيْنٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَائِهِ، فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ وَيَمْضِيَ فِي حَجِّهِ. فَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فِي الْحَبْسِ، لَزِمَهُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى مَكَّةَ وَيَتَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ. وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا، كَمَنْ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ ظُلْمًا، أَوْ بِدَيْنٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَائِهِ، جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ، وَقَالَ الْمَرَاوِزَةُ: فِي جَوَازِ التَّحَلُّلِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْجَوَازُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>