الرَّابِعُ: الدَّمُ الْمَنُوطُ بِتَرْكِ الْمَأْمُورَاتِ، كَالْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، وَبِمِنَى لَيَالِي التَّشْرِيقِ، وَالدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَطَوَافِ الْوَدَاعِ. وَفِي هَذَا الدَّمِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَكَثِيرُونَ مِنْ غَيْرِهِمْ: أَنَّهُ كَدَمِ التَّمَتُّعِ فِي التَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيرِ. فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الدَّمِ، صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَرْتِيبٌ وَتَعْدِيلٌ؛ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ هُوَ الْقِيَاسُ، وَإِنَّمَا يُصَارُ إِلَى التَّقْدِيرِ بِتَوْقِيفٍ. فَعَلَى هَذَا، يَلْزَمُهُ ذَبْحُ شَاةٍ. فَإِنْ عَجَزَ، قَوَّمَهَا دَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ. فَإِنْ عَجَزَ، صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. وَإِذَا تَرَكَ حَصَاةً، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْوَالًا فِي أَنَّ الْوَاجِبَ مُدٌّ، أَوْ دِرْهَمٌ، أَوْ ثُلُثُ شَاةٍ؟ فَإِنْ عَجَزَ، فَالطَّعَامُ، ثُمَّ الصَّوْمُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّعْدِيلُ بِالْقِيمَةِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ دَمُ تَرْتِيبٍ. فَإِنْ عَجَزَ، لَزِمَهُ صَوْمُ الْحَلْقِ. وَالرَّابِعُ: دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ، كَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ شَاذَّانِ ضَعِيفَانِ.
الْخَامِسُ: دَمُ الِاسْتِمْتَاعِ، كَالتَّطَيُّبِ وَالِادِّهَانِ وَاللَّبْسِ وَمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ. الْأَصَحُّ: أَنَّهُ دَمُ تَخْيِيرٍ، وَتَقْدِيرٍ، كَالْحَلْقِ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّرَفُّهِ. وَالثَّانِي: تَخْيِيرٌ وَتَعْدِيلٌ، كَالصَّيْدِ. وَالثَّالِثُ: تَرْتِيبٌ وَتَعْدِيلٌ. وَالرَّابِعُ: تَرْتِيبٌ وَتَقْدِيرٌ، كَالتَّمَتُّعِ.
السَّادِسُ: دَمُ الْجِمَاعِ،
[وَ] فِيهِ طُرُقٌ لِلْأَصْحَابِ، وَاخْتِلَافُ مُنْتَشِرٍ، الْمَذْهَبُ مِنْهُ: أَنَّهُ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ، فَيَجِبُ بَدَنَةٌ. فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا، فَبَقَرَةٌ. فَإِنْ عَجَزَ، فَسَبْعَةٌ مِنَ الْغَنَمِ. فَإِنْ عَجَزَ، قَوَّمَ الْبَدَنَةَ بِدَرَاهِمَ، وَالدَّرَاهِمُ بِطَعَامٍ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهِ. فَإِنْ عَجَزَ، صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. وَقِيلَ: إِذَا عَجَزَ عَنِ الْغَنَمِ، قَوَّمَ الْبَدَنَةَ وَصَامَ. فَإِنْ عَجَزَ، أَطْعَمَ، فَيُقَدِّمُ الصِّيَامَ عَلَى الْإِطْعَامِ، كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَنَحْوِهَا، وَقِيلَ: لَا مَدْخَلَ لِلْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ هُنَا، بَلْ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْغَنَمِ، ثَبَتَ الْهَدْيُ فِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يَجِدَ تَخْرِيجًا مِنْ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي دَمِ الْإِحْصَارِ. وَلَنَا قَوْلٌ: وَقِيلَ وَجْهٌ: أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْبَدَنَةِ، وَالْبَقَرَةِ، وَالْغَنَمِ. فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا، فَالْإِطْعَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute