للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا كلام عاطل الجِيد عن الفائدة بمرة؛ لأن هذا المعنى قد استُفيد من العام، ثم إهدار لفائدة المغايرة بالمرة، وحكم على كلام من أوتي جوامع الكلم - وكان أفصح العرب -، بما يلحقه بكلام من هو من العيّ بمنزلة تُوقعه في الكلام القاصر عن رتبة الفصاحة والبلاغة.

وقد ذكر في " النهاية " ما يفيد أن النضح يأتي بمعنى الغسل.

قلت: قد يَرِد في مثل ذلك نادراً إذا اقتضاه المقام، وههنا وقع مقابلاً للغسل، فكيف يصح تفسيره به؟ {

وقد أطبق أئمة اللغة أن النضح هو الرش، فيجب حمله على ذلك إذا لم تقم قرينة على إرادة غيره، فكيف إذا كان الكلام لا يصح إلا بالحمل على ذلك المعنى الأعم الأغلب؟} وإلا كان الكلام حشواً.

وإن كان استعظام قائل قد قال بوجوب غسل البول؛ فليس أحد أعظم منزلة ولا أكبر قدراً من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ، فأقل الأحوال أن يجعل لكلامه مزيّة على غيره من علماء أمّته، فيكون كلامهم مردوداً إلى كلامه.

وليت أن المشغوفين بمحبة مذاهب الأسلاف جعلوه كأسلافهم، فسلكوا فيما بين كلامه وكلامهم طريقة الإنصاف، ولكنهم في كثير من المواطن يجعلون الحظ لأسلافهم، فيردون كلامه [صلى الله عليه وسلم] إلى كلامهم، فإن وافقهم فبها ونعمت، وإن لم يوافقهم فالقول ما قالت حَذام (١) .

فإن أنكرتَ هذا؛ فهات؛ أبِنْ لي ما الذي اقتضى هذه التأويلات


(١) من أمثال العرب المشهورة، والمراد عدم الحيْدَة عن كلامه [صلى الله عليه وسلم] .

<<  <  ج: ص:  >  >>