وفي " الصحيحين " أيضا من حديث أبي بكرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ {"، قلنا: بلى يا رسول الله} قال: " الإشراك بالله، وعقوق الوالدين "، وكان متكئا؛ فجلس وقال:" ألا وقول الزور؛ وشهادة الزور "، فما زال يكررها؛ حتى قلنا: ليته سكت!
ثم أقول: المراد بالشهادة: الإخبار بما يعلمه الشاهد عند التحاكم بأي لفظ كان، وعلى أي صفة وقع، ولا يعتبر إلا أن يأتي بكلام مفهوم يفهمه سامعه، فإذا قال مثلا: رأيت كذا وكذا، أو: سمعت كذا وكذا؛ فهذه شهادة شرعية.
وقد أحسن المحقق ابن القيم - رحمه الله - حيث قال في " فوائده ":
" ليس مع من اشترط لفظ الشهادة فيها دليل؛ لا من كتاب ولا من سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح ". انتهى.
وقد تقرر في محله: أن اشتراط الألفاظ إنما هو صنيع من لم يمعن النظر في حقائق الأشياء، ولا وصل إلى أن يعقل أن الألفاظ غير مرادة لذاتها، وإنما هي قوالب للمعاني تؤدى بها، فإذ قد حصلت التأدية للمعنى المراد؛ فاشتراط زيادة على ذلك لم تدل عليه رواية ولا دراية.
( [ما يلزم إذا تعارضت البينتان] :)
(وإذا تعارض البينتان، ولم يوجد وجه ترجيح؛ قسم المدعى) ؛ لحديث أبي