(والأول) ؛ أي: التمتع (أفضلها) ؛ أي: الأنواع الثلاثة.
واعلم أن هذه المسألة قد طال فيها النزاع، واضطربت فيها الأقوال، فمنهم من قال بأن أفضل الأنواع القران؛ لكونه صلى الله عليه وسلم حج قرانا على ما هو الصحيح، وإن كان قد ورد ما يدل على أنه حج إفرادا، لكن الأحاديث الصحيحة الثابتة في " الصحيحين " وغيرهما من طرق عديدة؛ مصرحة بأنه أهل بحج وعمرة، فلو لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن غير ما فعله أفضل مما فعله؛ لكان القران أفضل الأنواع، لكنه ورد ما يدل على ذلك.
ففي " الصحيحين " وغيرهما من حديث جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يا أيها الناس! أحلوا؛ فلولا الهدي معي فعلت كما فعلتم "، قال: فأحللنا، حتى وطئنا النساء، وفعلنا كما يفعل الحلال، حتى إذا كان يوم التروية، وجعلنا مكة بظهر؛ أهللنا بالحج.
وثبت مثل ذلك في حديث جماعة من الصحابة بألفاظ: منها: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ ما سُقت الهدي، ولجعلتها عمرة ".
وقد ذهب إلى هذا جمع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم؛ كمالك وأحمد، وهو الحق؛ لأنه لم يعارض هذه الأدلة معارض، وقد أوضح فيها صلى الله عليه وسلم أن نوع التمتع أفضل من النوع الذي فعله، وهو القران.
وقد أوضح الماتن حجج الأقوال، وما احتج به كل فريق في " شرح المنتقى "، والعبد الضعيف في " شرح بلوغ المرام "، وكذلك أوضح الماتن فيه؛