ومحل النزاع من نذر بمباح مقدور له من غير تعذيب لنفسه، ثم تعذيب النفس إن كان من قبيل المعصية، فقد ثبت أن في نذر المعصية كفارة يمين، وإن كان لكونه يلحق بغير المقدور، فقد ثبت أن من نذر فيما لا يملك؛ فعليه كفارة يمين، وما ليس بمقدور للإنسان داخل فيما لا يملكه.
وقد أخرج أبو داود حديثا، وفيه:" ومن نذر نذرا لا يطيقه؛ فكفارته كفارة يمين ".
والحاصل: أن النذر إن كان بطاعة مقدورة وجب الوفاء به؛ سواء كانت تلك الطاعة واجبة أو مندوبة، وإن كان بغير طاعة فهو: إما من المباح؛ أو الحرام؛ أو المكروه، فإن كان من المباح فقد تقدم، وإن كان من الحرام؛ فقد ثبت وجوب الكفارة فيه مع المنع من الوفاء به، وإن كان مكروها؛ فهو إما أن يكون لاحقا بالحرام أو بالمباح.
إن كان الأول وجبت الكفارة، ولم يجز الوفاء به.
وإن كان الثاني فقد تقدم.
هذا خلاصة الكلام في أنواع النذر، ولا دليل بيد من لم يوجب الوفاء، ولا الكفارة في المندوب والمباح:
( [يلزم المشرك الوفاء إذا نذر بطاعة ثم أسلم] :)
(ومن نذر بقربة وهو مشرك، ثم أسلم؛ لزمه الوفاء) ؛ لحديث عمر في " الصحيحين " وغيرهما: أنه قال: قلت: يا رسول الله! إني نذرت في الجاهلية