وليس الأمر كما يظنه من لا بصيرة له؛ من أنه حسن بالنظر إلى الحكمة العملية؛ لما فيه من تقوية الطبيعة! فإن هذا الظن من باب اشتباه الحكمة الطبية بالحكمة العملية.
والحق أنهما متغايرتان، وقد نزل تحريم الخمر؛ وهي من خمسة أشياء: العنب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل.
( [مم يكون الخمر؟] :)
والخمر: ما خامر العقل.
وقال: لقد حرمت الخمر حين حرمت، وما نجد خمر الأعناب إلا قليلا، وعامة خمرنا: البسر والتمر، وكسروا دنان الفضيخ (١) حين نزلت، وهو يقتضيه قوانين التشريع؛ فإنه لا معنى لخصوصية العنب، وإنما المؤثر في التحريم كونه مزيلا يدعو قليله إلى كثيره، فيجب به القول.
ولا يجوز لأحد اليوم أن يذهب إلى تحليل ما اتخذ من غير العنب، واستعمل أقل من حد الإسكار.
نعم؛ كان ناس من الصحابة والتابعين لم يبلغهم الحديث في أول الأمر، فكانوا معذورين؛ ولما استفاض الحديث، وظهر الأمر كرابعة النهار، وصح حديث:" ليشربن ناس من أمتي الخمر؛ يسمونها بغير اسمها "؛ لم يبق عذر، أعاذنا الله - تعالى - والمسلمين من ذلك ". انتهى.
(١) • شراب يتخذ من البسر المفضوخ؛ أي: المشدوخ. (ن)