وثانيهما: أنه يعتق كله عليه بنفس الإعتاق، ولا يتوقف على أداء القيمة، وذلك لأن إعطاء القيمة والعتق حكمان لمن أعتق شركا له في عبد؛ يردان عليه جميعا، وقال به الشافعي في الجديد.
وقال أبو حنيفة: إن كان المعتق موسرا فالذي لم يعتق بالخيار؛ إن شاء أعتق نصيبه، وإن شاء استسعى العبد في قيمة نصيبه، فإذا أدى عتق، فكان الولاء بينها، وإن شاء ضمن المعتق قيمة نصيبه، ثم شريكه بعد ما ضمن رجع على العبد استسعاه، فإذا أداه عتق؛ وولاؤه كله له.
وقال صاحباه: لا يعتق نصيب الشريك بنفس الإعتاق؛ بل يُستسعى العبد، فإذا أدى قيمة النصف الآخر عتق كله، والولاء بينهما، ومأخذ قولهم حديث أبي هريرة مرفوعا:" من أعتق شقيصا في عبد؛ عتق كله إن كان له مال؛ وإلا يُستسعى غير مشقوق عليه "؛ رواه الشيخان.
قوله:" غير مشقوق عليه "؛ أي: لا يستغلى عليه في الثمن، وتأويل هذا الحديث على قول الشافعي: إن معنى " يستسعى ": يستخدم لسيده الذي لم يعتق إن كان معسرا، ومعنى " غير مشقوق عليه ": أنه لا يحمل من الخدمة فوق ما يلزمه؛ إنما يطالبه بقدر ما له فيه من الرق ". انتهى.
( [بيان أن الولاء لمن أعتق] :)
(ولا يصح شرط الولاء لغير من أعتق) : لحديث عائشة في " الصحيحين "، وغيرهما: أنها جاءت إليها بريرة تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئا، فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك، فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت، فذكرت بريرة ذلك لأهلها فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن