بسبب تلك العيوب بواجب لها عليه، ثم التضرر بترك النفقة وتوابعها لا يعادله شيء، وإذا كان العيب في الزوجة؛ كالجنون والجذام، والبرص؛ فقد فات الزوج شيء واجب له؛ لكن قد جعل الله بيده الطلاق.
ثم قد ورد في خصوص الفسخ بعدم النفقة ما قدمنا ذكره.
( [الثانية: التطليق لغيبة الزوج] :)
وأما التفريق بين المفقود وبين امرأته؛ فأقول: قد تشعبت المذاهب في هذه المسألة إلى شعب ليس عليها أثارة من علم؛ لا سيما التحديدات بمقادير معلومة من الأوقات؛ منها ما هو رجوع إلى مذاهب الطبائعية؛ كقول من قال: إنه يُنتظر المفقود حتى يمضي له من يوم ولادته مئة وعشرون سنة؛ فإن هذا هو عين مذهب جماعة من الطبائعية، قالوا: أكثر ما يعيش الإنسان مئة وعشرون سنة؛ لأن كل طبيعة من الطبائع الأربع؛ إذا لم يعرض لها ما يفسدها تغلب على الإنسان ثلاثين سنة، فتحصل من مجموع الأربع الطبائع مئة وعشرون سنة، وهذا مذهب كفري، وكلام بمعزل عن الشريعة (١) .
قال الماتن في " حاشية الشفاء ":
" وقد رأينا في عمرنا من عاش مئة وسبعا وعشرين سنة ونصف سنة، ورأيناه وهو في هذا السن في كمال من حواسه وجوارحه، بحيث إنه لم يفقد
(١) لا نرى في هذا شيئا من الكفر؛ فإذا صح أن أحدا قال بهذا؛ فإنما يرجع فيه إلى سنة الله في خلقه، ويريد به أن الغالب على الإنسان أن يعيش هذه المدة، إذا خلا من الآفات والأمراض وعوادي الزمن، والذي يظهر لنا أن التقدير بمئة وعشرين خطأ؛ لأن متوسط العمر الذي يبلغه كثير الناس؛ بين الستين والسبعين، وما زاد فهو قليل. (ش)