للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يقدح في ذلك كونه مرتكبا لشيء مما لا يحل له، أو يظلم الرعية في بعض ما لا يحل له، فإن ذلك أمر آخر لا يوجب سقوط طاعته، ونعم القدوة السلف الصالح، فقد كانوا يعملون لسلاطين بني أمية الأعمال، ويلون لهم القضاء؛ مع كونهم في العلم والعمل بمكان لا يجهله أحد، وسلاطين تلك الأزمنة فيهم من يستحل الدماء بغير حقها، والأموال بدون حلها (١) .

نعم؛ القضاء قد ورد فيه ما يدل على الترغيب تارة والترهيب أخرى، بل ورد في الإمارة - التي هي أعم من القضاء - ما يشعر بأن تجنبها أولى.

( [الجمع بين أحاديث الترغيب في القضاء والترهيب منه] :)

والجمع بين الأحاديث - فيما يظهر لي - يرجع إلى الأشخاص:

فمن علم من نفسه القيام بالحق، والصدع به، وعدم الضعف في الأمر، وقوة الصلابة في القضاء والعفة عن الأموال، والتسوية بين القوي والضعيف؛ فالدخول في القضاء أولى له إن لم يكن واجبا عليه؛ بشرط أن يكون في العلم على الصفة التي قدمنا ذكرها.

ومن كان يضعف عن هذه الأوصاف؛ فالترك أولى به، وقد يجب عليه الترك.

ومما يرشد إلى هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر: " إني أراك ضعيفا "، ثم أرشده إلى عدم الدخول في الإمارة؛ كما ثبت ذلك في الحديث المشهور (٢) .


(١) قارن بكتابي " صيحة نذير بخطر التكفير ".
(٢) رواه مسلم (١٨٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>