وأما ما قيل من أن المراد بمثل هذه الأدلة صلة الرحم؛ فقد أجيب عن ذلك بأن الله - سبحانه - سماه حقا.
على أنه لو سُلم؛ لم يكن قادحا في الاستدلال؛ فإن من ترك قريبه بغير نفقة ولا كسوة، مع حاجته إليهما؛ لم يكن واصلا لرحمه - لا لغة، ولا عرفا، ولا شرعا -.
ومن أنكر هذا فليخبرنا: ما هي الصلة التي تختص بها الرحم لأجل كونه رحما، ويمتاز بها عن الأجنبي؟ فإنه لا يمكنه أن يعين مسقطا للنفقة؛ إلا وكان أولى بإسقاط ما عداها.
فالحاصل: أن من وجد ما يكفيه، وكان له زيادة يستغني عنها؛ وجب عليه أن ينفقها على المحاويج من قرابته، ويقدم الأقرب فالأقرب كما دلت عليه الأدلة السالفة، وهذا هو معنى الغنى - أي: الاستغناء عن فضلة تفضل على الكفاية -، لا ما ذكره الفقهاء من تلك التقديرات التي لا ترجع إلى دليل عقل ولا نقل.
( [الكسوة واجبة وكذا السكن مع النفقة] :)
(ومن وجبت نفقته وجبت كسوته وسكناه) ؛ لما يستفاد من الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها.