فاحفظ هذا التحقيق؛ تنتفع به في مواطن وقع التفريع فيها مخالفا للتأصيل، وهو كثير الوجود في مؤلفات الفقهاء من جميع المذاهب، وكثيرا ما تجد العارف بالأصول، إذا تكلم في الفروع؛ ضاقت عليه المسالك، وطاحت عنه المعارف، وصار كأحد الجامدين على علم الفروع؛ إلا جماعة منهم، {وقليل ما هم} ، {وقليل من عبادي الشكور} .
( [قعود التشهد الأوسط من سنن الصلاة] :)
(إلا قعود التشهد الأوسط) : لكونه لم يأت في الأدلة ما يدل على وجوبه بخصوصه، كما ورد في قعود التشهد الأخير؛ فإن الأحاديث التي فيها الأوامر بالتشهد قد اقترنت بما يفيد أن المراد التشهد الأخير.
فإن قلت: قد ذكر التشهد الأوسط في حديث المسيء، كما في رواية لأبي داود من حديث رفاعة، ولم يذكر فيه التشهد الأخير.
قلت: لا تقوم الحجة بمثل ذلك، ولا يثبت به التكليف العام، والتشهد الأخير وإن لم يثبت ذكره في حديث المسيء؛ فقد وردت به الأوامر، وصرح الصحابة بافتراضه، وقد أوضح ذلك شيخنا العلامة الشوكاني في " حاشية الشفاء " إيضاحا حسنا؛ فلتراجع.
( [الاستراحة من سنن الصلاة] :)
(والاستراحة) : لكونه لم يأت دليل يفيد وجوبها (١) ، وذكرها في حديث
(١) انظر حديث مالك بن الحويرث في " صحيح البخاري " (٨٢٣) .