وأما القراءة: فلورود ما يدل على شرطيتها؛ كحديث:" لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب "، وحديث:" لا تجزئ صلاة إلا بفاتحة الكتاب "، ونحوها، فإن النفي إذا توجه إلى الذات أو إلى صحتها؛ أفاد الشرطية؛ إذ هي تأثير عدم الشرط في عدم المشروط، وأصرح من مطلق النفي: النفي المتوجه إلى الإجزاء.
والحاصل: أن شروط الشيء يقتضي عدمها عدمه، وأركانه كذلك؛ لأن عدم الركن يوجب عدم وجود الصورة المأمور بها على الصفة التي اعتبرها الشارع، وما كان كذلك لا يجزئ؛ إلا أن يقوم دليل على أن مثل ذلك الركن لا يخرج الصورة المأمور بها عن كونها مجزئة، كما يقول بعض أهل العلم في الاعتدال وقعود التشهد، وإن كان الحق خلاف ما قال.
وأما الواجبات: فغاية ما يستفاد من دليلها - وهو مطلق الأمر -: أن تركها معصية، لا أن عدمها يستلزم عدم الصورة المأمور بها.
إذا تقرر هذا: لاح لك أن هذه الفروض المعدودة في هذا الباب متوافقة في ذات بينها، والفرض والواجب مترادفان على ما ذهب إليه الجمهور، وهو الحق.
وحقيقة الواجب: ما يمدح فاعله ويذم تاركه، والمدح على الفعل، والذم على الترك: لا يستلزمان البطلان؛ بخلاف الشرط، فإن حقيقته ما يستلزم عدمه عدم المشروط كما عرفت.