وأما الطمأنينة في حال الركوع والسجودين: فلا خلاف في ذلك.
وأما في حال الاعتدال من الركوع وبين السجدتين: فخالف في ذلك قوم، والحق أنه من آكد فرائض الصلاة في الموطنين؛ بل المشروع إطالتهما، وقد ثبت عنه [صلى الله عليه وسلم] ما يدل على ذلك، كما في حديث البراء: أنه حزر أركان صلاته [صلى الله عليه وسلم] ، وعد من جملتها الاعتدال من الركوع، والاعتدال بين السجدتين، فوجدها قريبا من السواء؛ وهذا يدل على أنه كان يلبث فيهما كما يلبث في الركوع والسجود، وثبت أنه -[صلى الله عليه وسلم]- كان يقف في اعتداله من الركوع كاعتداله من السجود، حتى يظن من رآه أنه قد نسي؛ لإطالته لهما، وثبت من أدعية فيهما ما يدل على طولهما.
فالحاصل: أن أصل الاطمئنان في الركوع والسجود والاعتدالين: ركن من أركان الصلاة لا تتم بدونه.
وأما طول اللبث زيادة عن الاطمئنان: فمن السنن المؤكدة؛ لأنه لم يذكر في حديث المسيء، وقد صارت هذه السنة متروكة في الاعتدال إلى غاية؛ بل صار الاطمئنان فيهما مما يقل وجوده، وما أحق من نازعته نفسه إلى اتباع الآثار المصطفوية أن يثبت معتدلا من ركوعه، ومعتدلا من سجوده، ويدعو بالأدعية المأثورة فيهما، ويجعل مقدار اللبث كمقدار لبثه في الركوع والسجود {فذلك هو السنة التي لا يجهل ورودها إلا جاهل} والله المستعان.