قام في وقت السحر، وتناول طعامه وشرابه في ذلك الوقت من دون عادة له به، في غير أيام الصوم؛ فقد حصل له القصد المعتبر؛ لأن أفعال العقلاء لا تخلو عن ذلك، وكذلك الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس؛ لا يكون إلا من قاصد للصوم بالضرورة، إذا لم يكن ثم عذر مانع عن الأكل والشرب غير الصوم، ولا يمكن وجود مثل ذلك من غير قاصد؛ إلا إذا كان مجنونا أو ساهيا أو نائما، كمن ينام يوما كاملا.
وإذا تقرر هذا؛ فمجرد القصد إلى السحور قائم مقام تبييت النية عند من اعتبر التبييت، ومجرد الإمساك عن المفطرات وكف النفس عنها في جميع النهار يقوم أيضا مقام النية عند من لم يعتبر التبييت، ومن قال: إنه يجب في النية زيادة على هذا المقدار؛ فليأت بالبرهان؛ فإن مفهوم النية لغة وشرعا لا يدل على غير ما ذكرناه، وهكذا سائر العبادات؛ فإن مجرد قصدها كاف من غير احتياج إلى زيادة على ذلك.
مثلا؛ يكفي في نية الوضوء مجرد دخول المكان المعتاد لذلك، والاشتغال بغسل الأعضاء المخصوصة على الصفة المشروعة، وكذلك في الصلاة؛ يكفي الدخول في المحل الذي تقام فيه، والتأهب لها، والشروع فيها على الصفة المشروعة، فإن القصد والإرادة لازمان لهذه الأفعال؛ لعدم صدور مثل ذلك من العقلاء؛ لمجرد اللعب والعبث.
(٢ - فصل مبطلات الصوم)
( [يبطل الصوم بالأكل والشرب عمدا] :)
(يبطل بالأكل والشرب) عمدا، لا خلاف في ذلك، وأما مع النسيان؛