حاصل ما يستفاد من شركة المفاوضة والعنان والوجوه: أنه يجوز للرجل أن يشترك هو وآخر في شراء شيء وبيعه، ويكون الربح بينهما على مقدار نصيب كل واحد منهما من الثمن، وهذا شيء واحد واضح المعنى، يفهمه العامي فضلا عن العالم، ويفتي بجوازه المقصر فضلا عن الكامل، وهو أعم من أن يستوي ما يدفعه كل واحد منهما من الثمن أو يختلف، وأعم من أن يكون المدفوع نقدا أو عرضا، وأعم من أن يكون ما اتجرا به جميع مال كل واحد منهما أو بعضه، وأعم من أن يكون المتولي للبيع والشراء أحدهما أو كل واحد منهما.
وهب أنهم جعلوا لكل قسم من هذه الأقسام - التي هي في الأصل شيء واحد - اسما يخصه؛ فلا مشاحة في الاصطلاحات؛ لكن ما معنى اعتبارهم لتلك العبارات، وتكلفهم لتلك الشروط، وتطويل المسافة على طالب العلم، وإتعابه بتدوين ما لا طائل تحته؟ {
وأنت لو سألت حراثا أو بقالا عن جواز الاشتراك في شراء الشيء وفي ربحه؛ لم يصعب عليه أن يقول: نعم.
ولو قلت له: هل يجوز العنان أو الوجوه أو الأبدان؛ لحار في فهم معاني هذه الألفاظ}
بل قد شاهدنا كثيرا من المتبحرين في علم الفروع؛ يلتبس عليه كثير من تفاصيل هذه الأنواع، ويتلعثم إن أراد تمييز بعضها من بعض، اللهم! إلا أن يكون قريب عهد بحفظ مختصر من مختصرات الفقه؛ فربما يسهل عليه ما يهتدي به إلى ذلك.