وكان أقرب من هذا أن يجاب: بأن الفرك لم يكن بأمره [صلى الله عليه وسلم] ؛ إنما قالت عائشة: كنت أفركه من ثوب رسول الله [صلى الله عليه وسلم]- كما في كتب الحديث -.
والأمر الرابع: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يغسل موضع المني من ثوبه؛ ويجاب عنه: بأن هذا فعل لا يصلح لإثبات النجاسة المستلزم لوجوب الإزالة، مع احتمال أن يكون غسله تقذُّراً لما فيه من مخالفة النظافة.
وأما فرك عائشة لمنيِّه [صلى الله عليه وسلم] من ثوبه حال صلاته بأنه (١) لم يعلم بذلك: فالجواب عنه بأنه لو كان نجساً لما أقره الله على ذلك، كما ثبت في حديث خلع النعل بعد دخوله في الصلاة لإخبار جبريل له بذلك.
وقد قدمت لك أن الحكم بكون الشيء نجساً لا يُقبل إلا بدليل تقوم به الحجة؛ غير معارض بما هو أنهض أو مساوٍ؛ لأن الحكم بكون الشيء نجساً يستلزم تعبد العباد بحكم من أحكام الشرع تعم به البلوى.
وقد أوردت في " مِسك الختام شرح بلوغ المرام " حجج المختلفين، ورجّحت هناك ما رجّحت، وظهر لي الآن أن القيام في مقام المنع هو الذي ندين به عند الله.
وفي " سُبُل السلام ": والحق أن الأصل الطهارة، والدليل على القائل بالنجاسة، فنحن باقون على الأصل.
وذهب الحنفية - رحمهم الله - إلى نجاسة المني كغيرهم، ولكن قالوا: يطهره الغسل، أو الفرك، أو الإزالة بالخِرقة، أو الإذخرة؛ عملاً بالحديثين،