دين، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحب الدَّين أن يضع شطر دينه، ويتعجل الباقي، وهو دليل على جواز الصلح مع الخصام، ووضع البعض واستيفاء البعض.
قال في " الحجة البالغة ": ومنه وضع جزء من الدين؛ كقصة ابن أبي حدرد (١) ، وهذا الحديث أحد الأصول في باب المعاملات.
أقول: الظاهر أنها تجوز المصالحة عن إنكار؛ نحو أن يدعي رجل على آخر مائة دينار، فينكره في جميعها، فيصالحه على النصف من ذلك المقدار؛ لأن مناط الصلح التراضي، والمنكر قد رضي بأنه يكون عليه بعض ما أنكره، وأي مقتض يمنع هذا؟ !
وإن كان مثل حديث:" لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه "، فهذا قد سلم بعضا مما أنكره طيبة به نفسه، وإن كان غير ذلك فما هو؟
ثم حديث كعب المتقدم المشتمل على وقوع التنازع بين الرجلين؛ إن كان التنازع بينهما في المقدار؛ فهو أيضا صلح عن إنكار، وقد جوزه الشارع.
وإن كان التنازع بينهما في التعجيل والتأجيل؛ فهو أيضا صلح عن إنكار؛ لأن منكر الأجل قد صولح، على أن يتعجل البعض من دينه، ويسقط الباقي إلى مقابل دعوى صاحبه للأجل.
(١) ستأتي في كتاب القضاء، في الكلام على جواز الشفاعة من القاضي للإصلاح بين الخصمين. (ش)