" اسق يا زبير {ثم أرسل الماء إلى أخيك "، فغضب الأنصاري، ثم قال: يا رسول الله} أن كان ابن عمتك؟ {فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:" اسق يا زبير} ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر (١) "؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم في غضبه ورضائه، بخلاف غيره؛ فإن الغضب يحول بينه وبين الحق، ويختلط حال الغضب، ويتشوش خاطره، ويتكدر ذهنه، ويذهل عن الصواب.
فلا يصلح الاستدلال بقضائه صلى الله عليه وسلم حال غضبه لهذا الفرق.
فالحق: أن حكم الحاكم حال الغضب حرام.
وأما كونه يصح أو لا يصح؛ فينبغي النظر في نفس الحكم، فإن كان واقعا على الصواب فالاعتبار بذلك، ومجرد صدوره حال الغضب لا يوجب بطلانه، وهو صواب، وإن كان واقعا على خلاف الصواب فهو باطل.
وإذا التبس الأمر: هل هو صواب أو خطأ؟ - كما يحصل الاشتباه في كثير من مسائل الخلاف - فالاعتبار بما رآه الحاكم صوابا؛ لأنه متعبد باجتهاده، فإن وجد حكمه الواقع حال الغضب بعد سكون غضبه صحيحا موافق لما يعتقده حقا؛ فهو صحيح لازم للمحكوم عليه، وإن كان آثما بإيقاع الحكم حال الغضب - كما تقدم - فلا ملازمة بين الإثم وبطلان الحكم، ثم ظاهر النهي التحريم.
وقد ذهب الجمهور إلى أنه يصح حكم الغضبان إن وافق الحق.
(١) • هو الجدار؛ والمراد به أصل الحائط، وقيل: أصول الشجر، والصحيح الأول؛ كذا في " النيل ". (ن)